كتاب الجامع لعلوم الإمام أحمد (اسم الجزء: 5)

باب العموم والخصوص
40 - إذا ورد لفظ العموم الدال بمجرده على استغراق الجنس، فهل يجب العمل بموجبه واعتقاد عمومه في الحال قبل البحث عن دليل يخصه أم لا؟
قال عبد اللَّه: سألت أبي عن الآية إذا جاءت عامة مثل قوله: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]. فقلت له: إن قوما يقولون: لو أنه لم يجئ فيها خبر عن الرسول صلى اللَّه عليه وسلم لوقفنا عندها، فلم يقطعها حتى بين جل وعز، وتخير لنا فيها وتخير الرسول فيها.
قال أبي: قال اللَّه تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: 11] فكنا نقف عند الولد، لا نورثه حتى ينزل اللَّه تعالى: أن لا يرث قاتل ولا عبد ولا مشرك، فلما عبرت السنة معنى الكتاب، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يرث مسلم كافرًا، ولا كافرًا مسلمًا" (¬1)، وقال: "لَا يَرِثُ القَاتِلُ" (¬2)، لم يعلم الناس اختلفوا في أن العبد لا يرث، وإنما قال
¬__________
(¬1) رواه أحمد 5/ 200، والبخاري (6764)، ومسلم (1614) عن أسامة بن زيد.
(¬2) رواه الترمذي (2109)، وابن ماجه (2645، 2735)، والطبراني في "الأوسط" 8/ 298 (8690)، والدارقطني 4/ 96، والبيهقي 6/ 220، وابن الجوزي في "التحقيق" 2/ 241 (1658) من طريق الليث بن سعد، عن إسحاق بن عبد اللَّه الغراوي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، مرفوعًا به. قال الترمذي: حديث لا يصح، لا يعرف إلا من هذا الوجه، وإسحاق بن عبد اللَّه قد تركه بعض أهل الحديث منهم أحمد بن حنبل. =

الصفحة 68