وفي "طبقات تقي الدين" قال أبو زكريا الخطيب التبريزي (¬1): كنا نقرأ اللغة على الحسن بن الدهَّان (¬2) يوماً وليس عليه سراويل وكان شديد الفقر، سيئ الحال، فانكشفت عورته، فقال له بعض من كان يقرأ عليه مُعَيباً: أيها الشيخ قُمُدَّك (¬3)، فتجمع ثم انكشف ثانياً فقال له ذلك الرجل: غُرْمُولَك (¬4)، فتجمع ثانياً ثم انكشف ثالثة، فقال أيضاً: [يا أيها الشيخ] عُجَارِمَك (¬5) فخجل الشيخ، وقال له: أيها المدبّر، ما تعلمتَ من اللغة إلا أسماء هذا المُزْدَرِبك (¬6). انتهى.
ومنه في ترجمة القاضي أبي القاسم علي بن محمد التَّنُوخي (¬7) يحكى أَنَّه كان من جملة القضاة الذين ينادمون الوزير المُهَلّبي ويجتمعون عنده في الأسبوع ليلتين على اطِّراح الحشمة والتبسط في الخلاعة، وهم: ابن قريعة (¬8) وابن معروف (¬9) والقاضي الكرخي (¬10)، [و] ما منهم إلا أبيض اللحية طويلها. وكذلك كان المهلّبي فإذا تكامل الأُنس وطاب المجلس وأخذ الطرب منهم مأخذه، وَهَبُوا أثواب الوقار للعُقَار (¬11) وتقلبوا في أعطاف العيش بين الخفة والطّيش ووضع في يد كل منهم طاسُ من ذهب [فيه ألف مثقال] مملوءاً شراباً [قطربلياً (¬12) أوعكبرياً] فيغمس لحيته فيه بل ينقعها حتى تتشرب أكثره ثم يرش بها بعضهم بعضاً ويرقصون بأجمعهم.
¬__________
(¬1) واسمه (يحيى بن علي) انظر ترجمته في "شذرات الذهب" (9/ 6) و"الأعلام" (8/ 157)، وفي القسم الأول برقم 5335.
(¬2) واسمه (الحسن بن محمد بن علي بن رجا) انظر ترجمته في "إنباه الرواة" (1/ 304) و"بغية الوعاة" (1/ 523) و"الجواهر المضية" (2/ 85 - 87) وما بين الحاصرتين تكملة منه، وفي القسم الأول برقم 1413.
(¬3) يعني ذَكَرُكَ انكشف وظهر. انظر "لسان العرب" (قمد).
(¬4) الغرمول: الذَكَرُ أيضاً. انظر "لسان العرب" (غرمل).
(¬5) في الأصل: "عجارتك" والتصحيح من "الجواهر المضية" وما بين الحاصرتين تكملة منه. والعجارم: الذكر أيضاً انظر "لسان العرب" (عجرم).
(¬6) يعني المزدري بك.
(¬7) ترجمته في "وفيات الأعيان" (3/ 366 - 369) و"شذرات الذهب" (4/ 227) وما بين الحاصرتين تكملة منهما، و"الأعلام" (4/ 324)، وفي القسم الأول برقم 3169.
(¬8) واسمه (محمد بن عبد الرحمن) انظر ترجمته في "شذرات الذهب" (4/ 360).
(¬9) واسمه (عُبيد الله بن أحمد) انظر ترجمته في "تاريخ بغداد" (10/ 366) و"شذرات الذهب" (4/ 427).
(¬10) يعني القاضي التنوخي صاحب القصة.
(¬11) العُقَار: الخمر لمعاقرتها. أي ملازمتها. انظر "القاموس المحيط" (عقر).
(¬12) كذا في "وفيات الأعيان" وفي "شذرات الذهب": "قربلياً".