كتاب سلم الوصول إلى طبقات الفحول (اسم الجزء: 5)

[له] حَمَّاد: ثبت عن النبي -عليه السلام-[أنه] قال: "إن العَالِم إذا أراد بعلمه وجه الله تعالى هابه كل شيئٍ وإذا أراد أن يكنز به الكنوز، هاب من كل شيئ" (¬1)، ثم سأل ما سأل (¬2). ذكره صاحب "نوادر الأخبار".
رغبة الملوك للعلم ترغيباً: ذكر ابن خلِّكان (¬3) أن الملك المعظم عيسى قد شرط لكل من يحفظ المُفَصَّل (¬4) مائة دينار وخِلْعَة، فحفظه لهذا السبب جماعة (¬5). وكان أمر الفقهاء أن يجرّدوا له مذهب أبي حنيفة دون صاحبه فجردوه (¬6) له في عشرة مجلدات وسماه "التذكره" (¬7) وكان لا يفارقه سفراً ولا حضراً ويديم مطالعته.
ومن ذلك ما نُقل عن الملك الأشرف إسمعيل بن العباس، صاحب اليمن (¬8)، من بني رسول، المتوفى سنة 803، وكان عالماً فاضلاً له "تاريخ اليمن " أن القاضي جمال الدين الرِّيمي (¬9)، حمل إليه تأليفه المسمى بـ"التفقيه في شرح التنبيه" (¬10) في أربعة وعشرين مجلداً
¬__________
(¬1) ذكره المتقي الهندي في "كنز العمال" (16/ 629 - 630) وعزاه لابن عساكر وابن النجار من حديث أنس بن مالك.
(¬2) وكان سؤاله كما في "كنز العمال": "ما تقول يرحمك الله في رجل له ابنان، هو عن أحدهما راضٍ، فأراد أن يجعل ثلثي ماله في حياته لذلك الغلام؟ فقال: مهلاً رحمك الله، لأني سمعت ثابتاً البناني يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا أراد الله أن يعذب غنياً على غناه وفقه عند موته بوصية جائرة، فلا يقوم بأمره".
وعند ابن منظور سياق آخر للقصة في "مختصر تاريخ دمشق" (22/ 201 - 202) وقد جاء في آخرها ما نصه: "قال يعني محمد بن سليمان. فحاجة إليك. قال: هات إن لم تكن رزية في دينٍ. قال: أربعين ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه. قال: ارددها على من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيك إلا ما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها، ازوها. أي اصرفها. عني زوى الله عنك أوزارك. قال: فغير هذا. قال هات ما لم تكن رزيّة في دين. قال: تأخذها تقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمها أن يقول بعض من لم يرزق منها: إنه لم يعدل في قسمتها، فيأثم، ازوها عني زوى الله عنك أوزارك".
(¬3) انظر "وفيات الأعيان" (4/ 495) وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(¬4) المُفَصَّل: هو في القرآن الكريم من سورة {ق} إلى سورة {الناس}. انظر التعليق على كتاب "النصيحة في الأدعية الصحيحة" للحافظ عبد الغني المقدسي ص (86) بتحقيق (النشرة الثانية) طبع مؤسسة الرسالة ببيروت.
(¬5) وتتمة الخبر عند ابن خلِّكان في "وفيات الأعيان": "ورأيت بعضهم بدمشق، والناس يقولون: إن سبب حفظهم له كان هذا، وقيل: إنه لما توفي كان قد انتهى بعضهم إلى أواخره، وبعضهم في أثنائه، وهم على قدر أوقات شروعهم فيه، ولم أسمع بمثل هذه المنقبة لغيره".
(¬6) في الأصل: "فجردو"وما أثبتناه أصح للسياق.
(¬7) انظر بشأن وصفه "كشف الظنون" (1/ 393).
(¬8) ترجمته في "الضوء اللامع" (2/ 299) و"شذرات الذهب" (9/ 45) و"غاية الأماني في أخبار القطر اليماني" (2/ 508).
(¬9) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم 4168.
(¬10) وقال الزركلي في "الأعلام" (1/ 316 - 317): "وألَّف كتباً، كانت طريقته فيها أن يختار الموضوع ويجمع مادته أو بعضها، ثم يأمر من يتمه ويعرضه عليه، فما ارتضاه أثبته وما أباه حذفه وما وجده ناقصاً أكمله".

الصفحة 453