كتاب سلم الوصول إلى طبقات الفحول (اسم الجزء: 5)

شيخه ودُفن العلاَّمة الشِّيرازي عند قَدم البيضاوي، وأوصى بأن يكتب على قبره {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ} الآية (¬1).
وذكر أن عيسى بن أَبان (¬2) قاضي البصرة لما ولّي اختصم إليه مسلمٌ ويهوديٌ فوقع اليمين على المسلم فقال له القاضي: قل والله الذي لا إله إلا هو، فقال اليهودي: حلِّفه بالخالق لا بالمخلوق لأن لا إله إلا هو في القرآن وأنتم تزعمون أنه مخلوق فتحيَّر عيسى عند ذلك.
مناقب المشايخ: ذكر في "الشقائق" (¬3) أن السلطان محمد خان لما أراد فتح قسطنطينية، أرسل أحمد بأس ابن ولي الدين (¬4) إلى الشيخ آق شمس الدين (¬5) يدعوه للجهاد، ودعا أيضًا الشيخ آق بيق (¬6) المجذوب، فقال له آق شمس الدين: سيدخل المسلمون القلعه من المواضع الفلانية في اليوم الفلاني وقت الضحوة "الكبرى" وأنت تكون حينئذ (¬7) عند السلطان. فجاء ذلك الوقت ولم تفتح (¬8) القلعة. قال: فذهبت إليه وهو في خيمته وواحد من خدامه واقفٌ على الباب ومنعني من الدخول لأنه أوصاه أن لا يدخل عليه أحد، فرفعت طِنَاب (¬9) الخيمة فإذا هو ساجد على التُّراب ورأسه مكشوف، وهو يتضرع ويبكي، فما رفع رأسه إلا قام على رجله وكبّر فقال: الحمد دله، منحنا الله فتح القلعة. قال: فنظرت إلى جانب القلعة فإذا العسكر قد دخلوا بأجمعهم ففتح الله ببركة دعائه. ولما دخل السلطان محمد خان إلى خدمة الشيخ نظر جانبه فإذا ابن ولي الدين فقال: هذا ما أخبر به الشيخ وقال: ما فرحت بهذا الفتح وإنما فرحي من وجود مثل هذا الرجل في زماني، ثم بعد يوم جاء السلطان محمد خان إليه والشيخ مضطجع فلم يقم له فَقَبَّل السلطان يده وقال: جئتك لحاجة. قال: ما هي؟ قال أن أدخل الخلوة عندك أيامًا. قال الشيخ: لا، فأصر عليه مرارًا وهو يقول: لا. فغضب السلطان محمد خان وقال: إن واحدًا من الأتراك يجيء إليك وتدخله الخلوة بكلمة واحدة، قال الشيخ: إنك إذا دخلت الخلوة تجد هناك لذةً تُسقط (¬10) السلطنة عن عينك وتختل أمورها، فيمقت الله إيّانا.
¬__________
(¬1) سورة الكهف: الآية (18).
(¬2) ترجمته في "الجواهر المضية" (2/ 678) و"الأعلام" (5/ 100)، وفي القسم الأول برقم 3446.
(¬3) انظر "الشقائق النعمانية" (228) طبع إستانبول و (138) طبع بيروت وما بين الحاصرتين تكملة منه.
(¬4) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم 327.
(¬5) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم 4076.
(¬6) سبقت ترجمته في القسم الأول برقم 974.
(¬7) مكانها في الأصل حرف (ح) وأثبتناها من "الشقائق النعمانية" بطبعتيه.
(¬8) في الأصل: "ولم يفتح" وما أثبتناه تقتضيه صحة السياق.
(¬9) يعني حبل الخيمة. انظر "القاموس المحيط" (طنب).
(¬10) في الأصل: "سقط" وما أثبتناه من "الشقائق النعمانية" بطبعتيه.

الصفحة 473