كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

ولأن وضع الجذوع تصرف في الملك فوجب أن يكون دالاً على الملك كالأزج والقبة.
ولأن وضع الجذوع هو تركيب على الحائطين يجرى مجرى ركوب الدابة وقد ثبت أن دابة لو تنازعها راكبها وأخذ بلجامها كان راكبها أحق بها ممن هو أخذ بلجامها فكذلك الحائط إذا تنازعه صاحب الجذوع وغيره. كان صاحب الجذوع أحق.
والدلالة على صحة ما ذهبنا إليه هو أن كل ما لم يكن قليله دالاً على الملك لم يكن كثيره دالاً على الملك كالقصب والرفوف.
ولأن ما أمكنت أحاثه بعد كمال البناء لم يكن دالاً على ذلك البناء كالجص والنقش.
ولأنه لو كان بين صاحب الأجذاع والحائط طريق نافذة كالساباط لم يكن وضع أجذاعه فيه دليلاً على ملكه له، كذلك إذا اتصل بملكه.
لأن وضع الجذوع لو كان يدًا لاستوى الأمران في الاتصال بالملك والانفصال عنه.
ولأن وضع الأجذاع في الحائط قد يكون بالملك تارة وبالإذن أخرى وبالحكم على ما نذكره تارة. فلم يجز مع اختلاف أسبابه أن يكون مقصورًا على أحدهما في الاستدلال به على الملك.
فأما الجواب على استدلاله باتصال البنيان فهو أن ذلك مما لا يمكن حدوثه بعد كمال البنيان فجاز أن يدل على الملك لافتراقه به. وليس كذلك الجذوع.
وبمثله يكون الجواب عن الأزج والقبة إن كان مما لا يمكن حدوث مثله بعد البنيان.
وأما الجواب عما استدلوا به من راكب الدابة وقائدها فقد اختلف فيه أصحابنا على وجهين:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنهما في الدابة سواء تكون بينهما نصفين فعلى هذا يسقط الاستدلال به.
والثاني: أن الراكب أحق بها من الآخذ بلجامها.
والفرق بين ذلك وبين وضع الجذوع وتركيبها على الحائط من وجهين:
أحدهما: أن الإجماع مانع من ركوب دابة الإنسان لا بإذنه، فجاز أن يكون ركوبها دليلاً على ملكه.
والخلاف منتشر في أن الإنسان أن يضع أجذاعه جبرًا في حائط غيره فلم يكن وضعها دليلاً على ملكه.
والثاني: أن الركوب لما كان تصرفًا لا يختلف حكمه بين وجوده في الملك وغير الملك جاز أن يكون دليلاً على الملك.
ولما كان وضع أجذاع الساباط الذي لا يتصل بالملك لا يدل على الملك لم يكن

الصفحة 423