كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

فيدعو إلى قسمة الطول ليكون خمسة أذرع من العشرة في عرض ذراع فهذا جائز لأن أي النصفين حصل له بالقرعة نفعه، فإن دعي إلى القسمة عرضًا ليكون له شبرًا من العرض في الطول كله ففي جواز الجبر عليها وجهان:
أحدهما: وهو قول أبي إسحاق المروزي أنه لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها، لان قسمة الإجبار ما دخلتها القرعة.
ودخول القرعة في هذه القسمة مضر، لأنه قد يحصل لكل منهما بالقرعة ما يلي صاحبه، فلا ينتفع واحد منهما بشيء مما صار إليه، وعادت بالضرر عليه، والقسمة إذا عادت بضرر الشريكين لم يدخلها الإجبار.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة: انه يجاب إليها، ويقسم عرض العرصة بينهما، ويدفع إلى كل منهما النصف الذي يليه بغير ذرعه، لأن القرعة تدخل في القسمة لتمييز ما اشتبه الانتفاع به والأنفع لكل واحد منهما أن يأخذ ما يليه، فلم يكن لدخول القرعة وجه قال الشافعي: ثم قلت له إن شئت أن تزيد من عرصة دارك أو بيتك شبرًا آخر ليكون لك، جدارًا خالصًا فذلك لك.
وهذا لم يقله مشوره كما عابه من جهل معنى كلامه، وإنما قاله ليبين أن كل واحد منهما قد ينتتفع بما صار له.
ثم ذكر وجه المنفعة، بأن يضم إلى العرصة شبرًا ليصير جدارًا كامًلا.
فصل
فإن كان الحائط بناء وعرصة نظر في طالب القسمة، فإن دعي إليها عرضًا ليكون له شبر من عرض البناء، والعرصة من الطول كله، لم يجب إليها جبرًا، ولا يصح ذلك بينهما تراضيًا واختيارًا، وإنما كان كذلك لأن ما يصير إلى كل واحد منهما من نصف العرض مضر به ويصاحبه.
لأنه إن أراد هدمه لم يقدر عليه إلا بهدم ما لشريكه أو شيء منه وإن أراد وضع شيء عليه، وقع الثقل على ما لشريكه فأضربه.
فإن قيل: فهلا جاز لك بتراضيهما؟ قيل إن تراضيا بهدمه في الحال والاقتسام بآلته جاز.
وغن تراضيا بقسمته بناء قائمًا، وتحديدًا ما لكل واحد منهما متصلاً لم يجز وإن لما ذكرنا من دخول الضرر فيما بعد.
وغن كان الطالب يدعو إلى قسمته طولاً، ليكون لكل واحد منهما نصفه طولاً في العرض كله جازت بالتراضي.
وفي جواز الإجبار عليها وجهان:
أحدهما: وهو ظاهر قول أبي إسحاق المروزي، لا يجاب إليها ولا يجبر الممتنع عليها لأنه قد لا يقدر على هدم النصف الذي صار له إلا بهدم شيء من نصف

الصفحة 429