كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

سقط البيت لم يجبر صاحب السفل على البناء وإنما أوجب على صاحب السفل بناء السفل هاهنا لوقوع الشرط على ذلك في الهدم.
وإذا هدمه لغير علة فهو متعٍد بهدمه فلزمه الإعادة, فإن قيل: هذا الشرط وعد من جنبه فلا يلزمه الوفاء به, قلنا: هذا الشرط التزامٌ لأنه لم يستحق هدمه وإنما هدمه لغرض له والتزام إعادته فلزمه, فإن قيل: فقد ضمنتموه الحائط بمثله وهذا لا يجوز, قلنا: ليس هذا بضمان متلف لأن المتلف له والبدل له وإنما لغيره حق الحمل عليه فلزمه أن يقيم مثله مقامه لما ذكرنا.
وقال أبو حامد رحمه القياس أن لا يلزمه إعادته لأن الحائط لا يضمن بالمثل, ولكن نص الشافعي على ما ذكرنا.
وقال القاضي أبو على البندنيجى: فيه طريقان أحدهما: يلزمه إعادته قولًا واحداً,
والثاني: فيه قولان والأصح ما ذكرنا وهو القياس على ما شرحنا والله أعلم.
ثم أن المزني قال: قال الشافعي في كتاب الدعوة: والبيان على كتاب أبى حنيفة فإذا أفاد صاحب السفل مالًا أخذ منه قيمة ما أنفقه في السفل, قال الأول أولى بقوله لأن الباني متطوع فليس له أخذه من غيره إلا بأن يراضيه عليه واختلف أصحابنا في هذا, فقال أبو إسحاق رحمه الله: أجاب الشافعي ف كتاب الدعوى على قوله القديم:
فأما على قوله الجديد فلا رجوع له.
ومن أصحابنا من قال: هذا يخرَّج على قوله الجديد وهو إذا كان صاحب السفل معسرًا لا يقدر على البناء فجعل الحاكم لصاحب العلو أن يبنى ويرجع بالنفقة عليه, وقضى له هنا وكان معتقجًا لمذهب الشافعي في القديم, فإذا قضى به الحاكم له الرجوع به فلا يصح اعتراض المزني.
ثم قال الشافعي: ليس له منع صاحب السفل من سكناه ونقض الجدران له قوئ نُقْضُ وقوئ نقض بفتح النون وضمها, فمن قرأ بالفتح أراد له نقضها إذا خيف أن يسقط. أو أراد له نقضها إذا بناه من ماله متطوعًا حتى يصير قضاء كما كان.
ومن قرأ بالرفع أراد أن الطوب والخشب له إذا أنهدم أو هدمه عمدًا إذا بناه من خاص ماله. وقيل: أراد ما حصل من الجدار الأول المنهدم لصاحب السفل ولا يصير لصاحب العلو بسببه بني السفل وهذا بعيد عندي. [1/ب]
مسألة: قال: "وَإِذَا كَانَتْ لِرَجُلٍ نَخْلَةٌ أَوْ سَجَرَةٌ فاستعلت وانْتَشَرَتْ أَغْصَانُهَا".
الفصل
وهذا كما قال: إذا كان في ملك رجل شجرة أو نخلة فاستعلت ودخلت أغصانها في دار جاره, كان للجار إزالته عن داره وعن هواء الحائط المشترك بينهما. وكذلك أن دخلت في بستان جاره, وهذا لأن هواء الجار حق الجار كفنائه. وهكذا لو شرعت عروق هذه الشجرة في قرار أرضه يلزمه إزالتها كالأغصان في الهواء سواء, فإن كانت

الصفحة 433