كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

وقال بعض أصحابنا بخراسان: هذا إذا حصل التفرق من صاحبه فإن حصل منه لا خيار له, وهذا إشارة إلى أنه رضي بتفريق الصفقة حين فارقه هو, وهذا لا يصح عندي لأن هذا الخيار يثبت, لأنه دخل في العقد على أن يسلم له جميع المسمى بجميع المسمى فإذا [3/أ] لم يسلم ذلك وبطل العقد في بعضه ثبت له الخيار في الفسخ, ومثل هذا الخيار لا يبطل بمفارقته المجلس.
مسألة: قال "وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الوُرَثَةِ فِي أَيْدِيْهِمْ بِحَقٍ لِرَجُلٍ".
الفصل
وهذا كما قال: اختلف أصحابنا في صورة هذه المسألة فقال بعضهم: صورتها أن تكون داراً في أيدي ثلاثة إخوة ورثوها عن أبيهم, فجاء رجل فادعى أن له على أبيهم دينًا وأن هذه الدار رهن عنده به فصدقه أحدهم وأنكره الآخران فصالحه المقر من الدين على بعضه وقضاه من ماله كان الصلح صحيحا بإذن الباقين، أو غير إذنهم ويكون هذا الصلح فرعًا للأبناء، لأنه أخذ بعض دينه وأبرأه من الباقي، ولا يرجع هذا المقر على إخوته بشيء مما دفع إلى المدعي من ماله، لأنه متطوع به، وإنما قلنا صورة المسألة هذا لأن الشافعي رحمة الله عليه قال: إذا أقر أحد الورثة في دار في أيديهم بحق لرجل ولم يقل بدار، والظاهر من الرهن الحق الرهن دون الملك. ولأنا لو قلنا: إن المدعي إذا ادعى فيها سهمًا فأقر به أحد الإخوة وصالحه منه على مال أعطاه لكان ذلك مكرراً لأن الشافعي قال في أول كتاب الصلح: ولو صالح عنه رجل يقر عنه بشيء جاز الصلح، وليس للذي أعطي عنه أن يرجع عليه لأنه متطوع به. ومن أصحابنا من قال: صورتها أنه ادعى سهمًا من هذه الدار فأقر له أحدهم وأنكره الآخران فصالحه. المقر على مال بذله صح الصلح, وعلى هذا أكثر أصحابنا، قال القاضي الطبري: وهذا هو الصحيح، لأن الشافعي ذكرها في الأم مشروحة، فقال: ولو كانت دار بين ورثة فادعى رجل فيها دعوى فأقر له أحدهم ثم صالحه على شيء بعينه أو دراهم مضمونة فالصلح جائز والوارث المصالح متطوع لا يرجع على أخويه بشيء مما أدى عنهم بغير أمرهم، ولو صالحه على أن حقه له دون أخويه فإنما اشترى منه حقه دون أخويه، فدل هذا على أن صورة المسألة أنه ادعى سهماً في الدار، وقوله: بحق في دار أي: بسهم في دار، ويدل هذا على خطأ من قال من أصحابنا: أن صلح الأجنبي عن المنكر لا يصح إلا بأن يقول إني وكيله، وقد بينا ذلك فيما مضى. فإذا تقرر أن صورة المسألة هذه فإن [(3) / ب] صالحه على مال بدله فالحكم ما ذكرنا، أنه لا يرجع بما بدله على أحد لأنه متطوع به. وإن صالحه على أن يكون نصيبه له دون أخويه، فإن الخصومة تكون بينه وبين أخويه، فإن أقرا له بذلك أو استحقه بإقامة البينة عليهما ثم صالحهما بشيء أخذه منهما كان الصلح جائزاً, وكان للأخ الثالث أن يأخذ نصيبهما بالشفعة. وإن لم يقرا له ولم يقم له بينة كان لهما ثلثا الدار، وهل لهما أخذ الثلث

الصفحة 436