كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

عليه للمحيل فيجري مجرى الضمان، ولا يصح إلا برضاه.
مسألة: قال المزني رحمه الله: ولو قال المحتال أحلتني عليه لأقْبِضَهُ لك.
الفصل
وهذا كما قال هذه المسألة بالعكس مما تقدم وهي أن: يقول المحيل أحلتك بما لك عليَّ حتى تقبضه لنفسك، وقال المحتال: كنت وكيلًا لك وإنما يقع هذا الاختلاف إذا كان المحال عليه مفلسًا أن يكون المال تلف في يد القابض فيكون القول قول المحتال مع يمينه على قول المزني وأكثر أصحابنا، ويكون القول قول المحيل على قول ابن سريج لأن الظاهر معه. فإذا قلنا بالأول: فحلف حكمنا بأنه وكيله وأن حقه باقٍ في ذمة المحيل، ثم لا يخلو إما أن يكون قد قبض الألف أو لا فإن لم يكن قبض كان للمحتال قبض حقه من المحيل، وهل يرجع المحيل على المحال عليه؟ وجهان:
أحدهما: يرجع لأن الحاكم حكم بأن المحتال وكيله وما قبض. ولأن إقراره بها للمحتال مشروط بسقوط حقه من ذمته وما سقط هاهنا.
والثاني: لا يرجع لأنه معترف بأن ذمة المحال عليه قد برئته بالحوالة عن حقه. وليس له بعد ما حلف أنه كان وكيلًا أن يقبض الحق من المحال عليه، لأنه صار معزولًا بقول المحيل. وإن كان قد قبض [16/ أ] الحق برئت ذمة المحال عليه، لأنه قبض ما عليه للمحيل بأمره. ثم لا يخلو الألف المقبوض من أحد أمرين: إما أن تكون قائمة، أو تالفة، فإن كانت قائمة والمحتال يقول: هو في يدي أمانة للمحيل لأني وكيله في الحفظ له، والمحيل يقول: بل الألف له لأنه قبضه لنفسه فيقول الحاكم للمحتال: أنت تدعي على المحيل ألفًا وله في يدك ألفًا فأمسكه لنفسك. وإن كانت الألف تالفة نظر فإن كان بتفريط من المحتال فعليه ضمانه للمحل وله على المحيل ألف فيتقاصان على ما نقوله في المقاصة، وإن تلف بغير تفريط فالمذهب أنه لا يضمنه ويرجع إلى المحيل بحقه لأنه ثبت أنه وكيل بيمينه، والتوكيل لا يضمن إلا بالتعدي. وقال بعض أصحابنا بخراسان: فيه وجهان:
أحدهما: هذا.
والثاني: لا ينفعه يمينه في أن لا يضمن ما تلف في يده فيحلف الآمر ويغرمه ما قبض وتلف في يده، وإنما ينفعه يمينه في أنه لا حوالة والصحيح ما ذكرنا.
فرع
لو قال: ضمنت لك مالك على فلان على أنه بريء منه فالحكم فيه مبني على ما ذكرنا من الخلاف، فعلى قول المزني: يكون حوالةً بلفظ الضمان، وعلى قياس قول ابن سريج: يكون ضمانًا باطلًا اعتبارًا بظاهر اللفظ.

الصفحة 458