كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

الدرك وضمان الثمن ويفسد [24/ب] بهذا عما يجاوزه من الثمن ويقرب منه. ولو قال: ضمنت لك الدرك فيه كان عبارة عن العهدة أيضًا. ولو قال: ضمنت لك الثمن إن بانت مستحقة فهو صريح في الباب وكذلك لو قال: ضمنت لك ثمنه. ولو قال: ضمنت لك خلاصك منه قال أصحابنا: هذا عبارة عن العهدة أيضًا.
فرع آخر
لو قال: ضمنت لك خلاص المبيع كان باطلًا لأن المستحق ربما لا يسلمه بعد أن استحقه. وحكي عن ابن سريج أنه قال: لا يضمن الخلاص إلا أحمق ومعناه ان يضمن أنها لو استحقت يشتريها الضامن من مالكها ويسلمها إليه. فإن قيل: أنتم تقولون هذا وقد نص الشافعي في الإقرار على جوازه فقال: ولو ضمن له ضامن عهدتها أو خلاصها كان للمشتري أن يرجع على الضامن بالثمن؟ قلنا: تأويله أنه أراد خلاصك منها, وهذا لأن خلاصه إذا كان متعلقًا بها جازت إضافته إليها كما يضاف المصدر إلى الفاعل والمفعول به وقيل: أراد وخلاصها وقد صارت أو بمعنى الواو كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} [الصافات: 147] يعني ويزيدون وقوله: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] يعني: وكفورًا فمعناه ضمن عهدتها وخلاصها معًا فيلزمه الضمان بقوله: ضمنت لك العهدة لا بقوله: وخلاصها وهذا بين في كلامه لأنه قال: يرجع على الضامن بالثمن إذا استحقت ولم يقل: كان عليه خلاص الدار.
فرع آخر
إذا ضمن خلاص المبيع وقلنا: لا يجوز فإن كان هذا في البيع فسد البيع لأنه شرط فاسد. وكذلك إذا شرطه في مدة الخيار فسد البيع. وإن شرطه بعد لزوم البيع لم يصح الضمان ولم يؤثر في البيع. وإن ضمن عهدته وخلاص المبيع بعد لزوم البيع فسد في الخلاص ولم يؤثر في العقد. وهل فسد في ضمان العهدة؟ قولان بناء على القولين في تفريق الصفقة.
فرع آخر
اعلم أنه يكتب في بعض الوثائق: ضمنت لك قيمة ما يحدث في المبيع من بناء وغراس إذا ظهر الاستحقاق وذلك لا يجوز عندنا لأنه ضمان مجهول وضمان ما لم يجب. وإن قدره فقال: من درهم إلى ألف لا يجوز لمعنى واحد وهو أنه ضمان ما لم يجب. وعند أبي حنيفة يجوز ذلك بناءً على أصله في جواز ضمان المجهول [25/أ] وجواز ضمان ما لم يجب. فإن ذكر هذا في كتاب الوثيقة وأفرده عن ضمان العهدة بطل ذلك وصح ضمان العهدة. وإن قرنه بضمان العهدة هل يتعدى بطلانه إلى بطلان العهدة؟ قولان بناء على تفريق الصفقة, وإن ضمن البائع ذلك لم يصح ضمان ما يحدث والعهدة واجبة عليه بغير ضمان. وإن شرطه في أصل البيع بطل البيع.

الصفحة 474