كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

فرع آخر
لا يجوز الضمان المعلق بالصفة قبل [33/ ب] أن يقول: إذا جاء رأس الشهر فقد ضمنت لك الألف الذي على فلان وهذا لأنه يقتضي أن يكون وجود الصفة سببًا في وجوب الحق عليه وهذا محال. وحكي عن أبي حنيفة أنه يجوز ذلك.
فرع آخر
لو ذكر أجلًا في الضمان غير معين الوقت ولكنه يعرف الجملة لفصح النصارى فيه قولان حكاهما ابن سريج. أحدهما: لا يجوز كما في البيع. والثاني: يجوز لأنه موضوع للرفق. وهكذا لو قال: إلى الحصاد أو الجذاذ أو الدباس ولو قال: إلى مجيء المطر وقدوم الغزاة لا يجوز قولًا واحدًا؛ لأنه لا يعرف أصلًا.
فرع آخر
إذا قلنا: لا يجوز هذا الشرط هل يبطل به الضمان؟ قولان مبنيان على الضمان بشرط الخيار يبطل الخيار وفي بطلان الضمان قولان.
مسألة: قال: وَلَو ضَمِنَ دَيْنَ مَيٍّتٍ بَعْدَمَا يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ لِمَنْ هُوَ فَالضَّمَانُ لاَزِمَ.
الفصل
وهذا كما قال: يجوز ضمان دين الميت سواء حلَّف وفاءً أو لم يحلِّف، وبه قال مالك وابن أبي ليلى وأبو يوسف ومحمد. وقال الثوري وأبي حنيفة: لا يجوز إلا إذا ترك وفاء أو كان به ضامن وهذا غلط لخبر عليّ وأبي قتادة رضي الله عنهما. وروي عن أنس رضي الله عنه أنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل يصلي عليه فقال: عليه دّين؟ قالوا: نعم، فقال: "إن ضمنتم دينه صليت عليه". ولأن الديَن على الميت صحيح مستقر بدليل أن سمرة بن جندب قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات فلما انصرف قال: "ها هنا من بني فلان أحد إن صاحبكم فلانًا قد احتبس عن الجنة بدين عليه فإما أن تفدوه من عذاب الله عز وجل وإما أن تسلموه". وأما قوله: بعدما يعرفه أراد معرفة المضمون عنه وهذا يدل على أحد وجهي أصحابنا. فإن قيل: يحتمل أن يكون معناه يعرف مقدار الدين قلنا: يحتمل هذا، ولكن ذكر قبله بسطرٍ ضمان المجهول فيبعد أن يقصد التكرار وهذا اختيار القفال رحمه الله. ولو أطلق الضمان عن الحق ولا يدري أنه حالّ أو مؤجل فالمذهب أنه يجوز، ولزمه على بينته في الحلول والتأجيل. وقال بعض شيوخنا: لا بد أن يعلم أنه حالّ أو مؤجل. [34/ أ]

الصفحة 489