كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

فقال: أو ضمن ذلك أحد منهم عن نفسه وهذا العطف في المكاتب محال، لأن المكاتب ضامن بعقد الكتابةً نجوم العقد فلعله ظن أنه ذكر سوى المكاتب ثلاثةً من الأمناء.
مسألة: قال: وَضَمَان المَرْأَةِ كَالَّرجُلِ.
وهذا كما قال: ضمان المرأةَ يصح لأن كل من لزمه الثمن في البياعات صح ضمانه كالرجل، وقال مالك: لا تضمن المرأةَ إلا بإذن زوجها كالعبد لا يضمن إلا بإذن سيده.
مسألة: قال: " وَلَا يَجُوزُ ضُمَّانُ مِنْ لَمْ يُبْلَغْ، وَلَا مَجْنُونَ، وَلَا مبرسم يَهْذِي "
الفصل
وهذا كما قال: لا يجوز ضمان الصبي لأنه غير مكلف وهو قول جميع العلماء، لا يجوز أيضاً ضمان المجنون لأنه لا حكم لقوله وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى ينتبه". وأما المريض كان مبرسمًا يهذي لا يصح ضمانه كالمغمى عليه. وإن كان يعقل صح ضمانه فإن برئ من مرضه كان من صلب ماله، وإن مات كان محسوبًا من ثلاثةَ لأنه إتلاف مال بلا عوض، وأما قوله: يهذي قيل: إنه زيادةً ذكرها المزني لغوًا، وقيل: له فائدةً وذلك أن المبرسم يهذي في أول برسامه مع قوةُ جسمه فإذا تطاول به أضعف جسمه فلا يهذي فأبطل ضمانه في الحالةَ التي يهذي فيها لينبه على بطلانه في الحالةَ التي هي أغلظ منها وهي الحالة التي لا يهذي فيها.
وأما الأخرس فإن كان لا يعقل الإشارةً ولا الكتابةً لا يصح ضمانه، وإن كان يعقل الإشارةَ والكتابةً فأشار به وكتب قام مقام النطق فهو كالناطق يصح ضمانه؛ وإن ضمن الإشارة دون الكتابة جاز، وإن ضمن بالكتابة دون الإشارةَ لا يجوز وجها واحداً ذكره ابن أبي هريرة؛ لأن مجرد الكتابةَ لا يقوم مقام النطق لاحتمالها حتى تنضم إليه الإشارةَ فيزول احتمالها. ومن أصحابنا من قال: يجوز لأن كتابته أقوى في البيان من الإشارة قال [36/أ] هذا القائل: المزني غلط في نقله حيث شرط شرطين أن يعقل الإشارةً، وأن يعقل الكتابةً وأحدهما يكفي ويغني عن الثاني. وهكذا الخلاف إذا كان لا يعقل الإشارةً ويحسن الكتابةً فكتبه ولم يشر، والصحيح عندي جوازه وإن كان ما تقدم ظاهر المذهب.
فرع
لو اختلفا فقال المضمون له: ضمنت وأنت بالغ، وقال: بل ضمنت وأنا صبي

الصفحة 493