كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

فالقول قول الضامن لأن الأصل براءة ذمته والأصل الصغر. ولو قال: ضمنت وأنت مفيق، وقال: بل ضمت وأنا مجنون، فإن لم يعرف له حالةً جنون فالقول قول المضمون له لأنه أقر بالضمان وادعى ما يوجب البطلان والأصل عدم ما العام، وإن عرف له حالةً جنون فالقول قوله لأن الأصل براءةً ذمته وعلى المضمون له إقامةَ البينةً أنه ضمن له في حال إفاقته.
فرع آخر
لو ضمن رجل المبيع فاستحق المبيع برئ الضامن، وكذلك إذا رده بمب أو إقالةً.
ولو زوج رجلًا بغير أمره وضضن المهر كان النكاح فاسدًا والثامن ساقطا، ولو ضمن صداق امرأته وأقبضها ثم ارتدت قبل الدخول بها يلزمها رد الصداق إلى الزوج ثم يلزم الزوج رد عين ما أخذ منها إلى الضامن ذكره أصحابنا بالعراق، وقال بعض أصحابنا بخراسان: لا يلزمه رد ملك العين إلى الضامن بل يغرم مثلها له وهذا أقيس.
مسألة: قال: وَضِعْفُ الشَّافِعِيِ كفالَةً الْوَجِهَ.
الفصل
وهذا كما قال: إذا كان له عليه دين يجوز ضمانه هل تصح الكفالة ببدنه رده إليه متى طالبه به أم لا؟ قال الشافعي في عامةً كتبه: إنها جائزة نص عليه في حرملةً واختلا ف العراقيين واللعان. وقال في الدعوى والبينات: يجوز ثم قال في آخر كلامه: غير أن كفالةَ الأبدان عندي ضعيفةً ضعف ذلك، واختلف أصحابنا فيه فقال أكثرهم:
المسألةَ على قولين أحدهما: يجوز وهو المشهور وبه قال كافةُ العلماء ومالك وأهل المدينة َوالليث والثوري وأبو حنيفةَ وأحمد رحمهم الله.
والدليل عليه قوله تعالى: {قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِّنَ اللَّهِ لَتَاتُنَّنِي بِهِ} [يوسف: (66)] ولأن ما وجب تسليمه بعقد وجب بعقد الكفالةَ بالمال في بيان الوصف يجب تسلم البدن بعقد النكاح وعقد الإجارةً،
والثاني: لا يجوز وهو القياس لأن كل مضمون إذا هلك كان على الضامن قيمته وهاهنا لا مال [36/ب] عليه إذا هلك المكفول به، ولا إذا تعذر عليه تسليمه فوجب أن لا يكون مضمونًا عليه. وهذه الطريقةَ اختيار المزني وأبي إسحاق.
والطريقة الثانية أن المسألةً على قول واحد أنها تجوز لأن الشافعي قطع بجوازها في كتب ومع عليه وقوله: إنها ضعيفةَ ليس بقول ثانٍ، وإنما أراد أنها ضعيفةً من حيث القياس ولكنا أجزناها لأخبار وإجماع الناس عليها. وروي أن نفرًا آمنوا بمسيلمةَ الكذاب فأخذهم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وقتل واحدًا منهم وتاب جماعةً فكفلهم عشائرهم ووافقه على هذا الرأي جرير والأشعث رضي الله عنهما.

الصفحة 494