كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

فرع
إذا قلنا: إنها باطلةً فلا تفريع عليه وإن قلنا: إنها صحيحةً هل يلزم أن يكون عارفًا بالمكفول؟ له وجهان كالمضمون له المال.
فرع آخر
هل يلزم أن يكون عارفًا بقدر الحق على المكفول ببدنه؟ وجهان: أحدهما: يلزم ولا يصح إلا بعد معرفته وهو قول ابن سريج لأن عنده أن موت المكفول به يوجب على الكفيل غرم الدين وبه قال مالك حكاه عنه أصحابه، وأصحابه ينكرونه. والثاني: لا يلزم وهو مذهب الشافعي، لأنه لا يلزم المال عليه بموته عنده.
فرع آخر
لو كان الحق الذي عليه مما لا يصح ضمانه فإن كان للجهل به وهو أن يكون الدين مجهولَا فقد ذكرنا كان لكونه حدًا نظرًا فإن كان حد لله تعالى كحد الزنا وغرب لم تصح الكفالةَ قولًا واحدًا لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا كفالة في حد"، ولأن حد الله تعالى مبني على الإسقاط والكفالة؛ استيثاق فلا مدخل لها فيه، وإن كان حدًا للآدمي كالقصاص وحد القذف قال الشافعي في اللعان: ولا كفالةً في حد ولا لعان، ونقل المزني في "الجامع الكبير" وتجوز الكفالةَ بمن عليه حق أو حد فمن أصحابنا من أخذ بظاهر ما نقل وتأول ما قال في اللعان أن المراد به الكفالةَ بنفس الحد ووجهه أنه حق لآدمي فصحت الكفالةً كسائر حقوق الآدميين. وقال ابن سريج: فيه وجهان: احدهما: ما ذكرنا. والثاني: لا يجوز لأنه يسقط بالشبهةَ، ولأن الكفالةَ لا تصح به فكذلك لا تصح ببدن من هو عليه، وقال جماعةً من أصحابنا: وهذا هو المذهب.
وقال أبو حامد [37/أ] رحمه الله: يشبه أن يكون الوجهان مبنيين على أن موت المكفول به هل يوجب الحق على الكفيل؟ فمن قال: يجب ذلك لا يجوز هذه الكفالةَ لأنه يحوز وجوب الحد على الكفيل وهذا إشارةً إلى أن المذهب أنه يجوز لأن عند الشافعي لا يلزمه المال بموته ويفارق حد الله تعالى، لأن حق الآدمي مبني على الاستقصاء فيجوز الاستيثاق بالكفالة، وقال بعض أصحابنا بخراسان: في الكفالة ببدن من عليه حد الله تعالى قولان أيضا.
وهو كالقولين في أن كتاب القاضي إلي القاضي والشهادةً على الشهادةَ هل يجري في حدود الله تعالى أم لا؟ ووجه البناء أن حكم الحدود هل يجعل كحكم الأموال

الصفحة 495