كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 5)

وإن كانت الكفالةً مقيدة وهو أن يتكفل به إلى أجل لا يخلو الأجل من أحد أمرين إما أن يكون معلومًا أو مجهولًا، فإن كان مجهولًا مثل إن قال: تكلفت ببدنه إلى العطاء أو الحصاد لا يصح وهو الأصح، في المذهب، وفيه وجه آخر يصح كالعاريةً والإباحةً لأنه حق لا يقابله عوض؛ وهذا غلط لأنه ضمن في ذمته مالأ بعقد فلا يجوز إلى أجل مجهول كالثمن في البيع، ويفارق العاريةً لأنه لو قال: أعرتك أحد هذين الثوبين يجوز وله الانتفاع بأحدهما، ولو قال: تكفلت لك بأحد هذين لا يجوز. وإن كان إلى أجل معدوم هو قولًا واحدًا، فإذا صحت إلى أجل لم تجب المطالبةَ به قبل انقضاء الأجل وفيه وجه آخر لا تجوز إلا مطلقة.
فرع آخر
لو شرط عليه تسليمه في موضع بعينه فقال: أسلمه إليك في المسجد الأعظم أو مجلس الحكم رده تسليمه إليه فيه فإن سلمه إليه في موضع آخر نظر فإن كان بقرب مجلس الحكم ولا يتعذر عليه حمله إليه، وإذا امتنع لحقه الغوث من جهةُ الحاكم والمعونة في حمله لزمه تسليمه وفيه [38/ب] وجه آخر لا يلزمه قبوله إلا في الموضع الذي عينه لأن عليه مؤنةً في حمله إلى الموضع الذي عينه، وإن قلت وإن كان في طرف من البلد ولا يمكنه حمله إلى مجلس الحكم ويخاف هربه منه أو امتناعه عليه لم يلزمه تسلمه.
فرع آخر
إذا وجب تسلمه فأبى أن يقبله أجبره الحاكم على قبوله، فإن لم يقبله تسلمه الحاكم وبريء الكفيل قال ابن سريج: فإن لم يكن حاكم أشهد على إحضاره عدلين وبرئ الكفيل.

فرع آخر
لو لم يحمله إلى الحاكم مع القدرةَ عليه وأشهد على امتناعه رجلين ظاهر ما قال الشيخ أبو حامد: إنه لا يبرأ، وقال القاضي الطبري: يبرأ ويكفي الإشهاد على امتناعه وهذا أقيس لآن مع وجود صاحب الحق لا يلزمه تسليمه إلى من ينوب عنه من حاكم أو غيره.
فرع أخر
لو كان هناك يد حائلة مثل سلطان قام أو متغلب عليه لم يكن هذا تسليما كتسليم المبيع سواء.
فرع أخر
لو كانت الكفالةً مؤجلةً فحل الأجل فإن كان المكفول به حاضرًا فالحكم فيه كما لو كانت الكفالةً مطلقةً، وإن كان غائباً فإن كانت غيبته غيبةً منقطعة لا يملك مطالبته

الصفحة 498