كتاب إكمال تهذيب الكمال ط العلمية (اسم الجزء: 5)

مِنْ حاجة؟ قال: نعم، لا تبعث إليَّ حتى أجيئك، قال: إذن لا نلتقي أبدًا، قال: هي حاجتي، فاستودعه اللَّه ونهض فأمده الخليفة بصرة، وقال:
كلكم يمشي رويدا
كلكم يطلب صيدا
غير عمرو بن عبيد
وحكى عن شبيب بن شبة قال: دخلت على المهدي، فقال: يا أبا معن؛ زين مجلسنا بحديث عمرو، ثم أخذ يُحدث بِمَا كان منه عند دخوله على أبي جعفر قال: وكان أبو جعفر إذا دخل البصرة ينزل على عمرو فيجمع له عمرو نفقة ويحسن إليه، فعند الخلافة شكر له ذلك. وحكى عن مسدد أنه كان لا يدع القنوت في صلاة الفجر، وقال: على هذا مَضَى السلف الصالح عمرو بن عبيد، وذكر آخرين. وعن محمد بن سليمان كان معاش عمرو من دار يسكنها الخواصون دخلها نحو دينار في الشهر.
وكان ربما أصابه العطش فلا يستسقي؛ حَتَّى يعود إلى منزله، وقال له أبو عمرو الزعفراني: إني إخالك جبانًا، قال: ولِمَ؟ قال: لأنك مُطاع ولا تناجز هذا الطاغية.
قال: ويحك، أبجند شر من جندهم ورجال شر من رجالهم؟ ! أما رأيت صنيعهم بفلان وخذلانهم لفلان وفلان؟
وذكر أنه كان يأتي أمه كل يوم يستقضيها حاجة، فجاءها يومًا فلم تكلمه بشيء على وجه الامتحان له، فما زال واقفًا إلى أن سمع أذان الظهر؛ فقال: الآن وجب عليَّ أمر فوق أمرك وانصرف.
وكان شبيب بن شبة من أصحابه، فلما ولي الأهواز لم يكلمه، فعطس يومًا عند عمرو فقال: الحمد للَّه رب العالمين، فلم يشمته عمرو، فأعاد فلم يشمته، فأعاد الثالثة ورفع صوته فقال عمرو: لو أعدتها؛ حتى تخرج نفسك ما سمعت مني: يرحمك اللَّه.
وفي "تاريخ المنتجيلي": عن أبي سعيد الأعرابي: كان عمرو بن عبيد كذَّابًا قدريًّا داعية، حذر منه الحسن وغيره وقالوا: هو ضال مُضل، وأول مَنْ تَسمَّى بالاعتزال، وعن ابن معين: كان عمرو رجل سوء من الدهرية، قيل: وما الدهرية؟
قال: الذين يقولون: إِنَّ الناس مثل الزرع، وقال سلام بن أبي مطيع: لأنَّا للحجَّاج بن يوسف أرجى مِنِّي لعمرو، إِنَّ الحجاج إِنَّمَا قتل الناس على الدنيا، وعمرو أَحدث بِدْعة يقتل الناس بعضهم بعضًا على دين.

الصفحة 577