كتاب نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة (اسم الجزء: 5)

بيتا، فكان يصرخ الليل كلّه، فإذا ملّ من الصراخ، أنّ كما يئنّ المدنف من علّته.
فأشاروا علينا بتخليته، وقالوا: إنّكم إن خلّيتموه، تفرّج واستراح، فخلّيناه.
فكان إذا أصبح، خرج فقعد على باب داره، فكلّ من مرّ به، سأله:
أين تريد؟
فيقول: أريد موضع كذا وكذا.
فيقول: اذهب محفوظا، لو كان طريقك على بغيتنا، أودعناك كلاما.
قال: فمرّ به بعض إخوانه، فقال: أين تريد؟
قال: أريد حيث تحب، فهل لك من حاجة؟
قال: نعم.
قال: ما هي؟
فقال:
تقرا السلام على الحبيب تحيّة ... وتبثّه بمطاول الأسقام
وتقل له: إنّ التقى زمّ الهوى ... لمّا سما متعجّلا بزمام
فقال: أفعل إن شاء الله.
قال: فمضى، فما كان بأسرع من أن رجع، فقال: قد بلّغت القوم رسالتك.
قال: فما قالوا؟
قال: قالوا:
لئن كان تقوى الله زمّك أن تنل ... أمورا نهى عن نيلها بحرام
فزرنا لنقضي من حديث لبانة ... ونشفي نفوسا آذنت بسقام

الصفحة 164