كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

42 - ومنها: البكاء من خشية الله تعالى، وأسفاً من الذنوب.
قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (58)} [مريم: 58].
وقال سبحانه: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107 - 109].
والأنبياء أفاضل من أوتي العلم من قبلهم.
وفي هذه الآية والتي قبلها أن من أعمال الأنبياء عليهم السلام السجود للتلاوة، وهو مخصوص في شريعتنا بآيات معروفة من القرآن العظيم.
وروى ابن أبي الدنيا في كتاب "الرقة والبكاء" عن الحسن رحمه الله تعالى قال: بكى آدم عليه السلام حين أُهبط من الجنة ثلاث مئة عام حتى جرت أودية بسرنديب من دموعه (¬1).
وروى ابن عساكر عن بريدة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ أَنَّ بُكَاءَ دَاوُدَ وَبُكَاءَ جَمِيع أَهْلِ الأَرْضِ يُعْدَلُ بِبُكَاءِ آدَمَ مَا عَدَلَهُ" (¬2).
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "الرقة والبكاء" (307).
(¬2) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 415)، وكذا رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (143). ورواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35535) موقوفاً.=

الصفحة 23