كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

وروى ابن عساكر بسند ضعيف، عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هَبَطَ آدَمُ وَحَوَّاءُ عَرْيَانينِ عَلَيْهِمَا وَرَقُ الْجَّنَةِ، فَأَصَابَهُ الْحَرُّ حَتَّى قَعَدَ يَبْكِيْ وَيقُوْلُ لَهَا: يَا حَوْاءُ قَدْ آذَانِيَ الْحَرٌّ، فَجَاءَهُ جِبْرِيْلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِقُطْنٍ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَغْزِلَ وَعَلَّمَهَا، وَأَمَرَ آدَمَ بِالْحِيَاكَةِ وَعَلَّمَهُ" (¬1).
وروى ابن سعد عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أن الله تعالى لما رأى عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية أزواج التي أنزل الله تعالى من الجنة - وهي: الإبل والبقر، والضان والمعز - فأخذ آدم كبشًا فذبحه، ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجه هو [وحواء]، فنسج آدم جُبة لنفسه، وجعل لحواء درعًا وخمارًا (¬2).
قلت: يجمع بين هذا والذي قبله أن القطن غزلته ونسجه قميصين لما يلي البدن، والصوف دِثارًا فوق ذلك.
ولقد أحسن من قال مشيرًا إلى الحركة والسبب: [من الطويل]
ألمْ تَرَ أَنَّ اللهَ قالَ لِمَرْيَمٍ ... إِلَيْكِ فَهُزِّيْ الْجِذْعَ يَسَّاقطِ الرُّطَبْ
وَلَوْ شاءَ أَنْ تَجْنِيهُ مِنْ غَيْرِ هَزِّها ... لَكانَ وَلَكِنْ كُلّ شَيْءٍ لَهُ سَبَبْ (¬3)
¬__________
(¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (7/ 413).
(¬2) رواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (1/ 36).
(¬3) انظر: "ثمار القلوب" للثعالبي (1/ 306).

الصفحة 56