كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

لقريبه أو رفيقه: إن رأس مالك قليل لا يحتمل أن تتصدق منه، وربما سماه مبذراً أو مبذرقًا، وهذا كله من أخلاق الشيطان الرجيم.
قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43].
والشيطان يأمر بخلاف ذلك، وكلمة الشح مطاعة وإن كانت شيطانية.
وقد روى الإمام أحمد، وابن خزيمة في "صحيحه"، وابن جرير، والحاكم وصححه، والبيهقي عن بريدة رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ شيئًا مِنَ الصَّدَقَةِ حَتَّى يَفُكَّ عَنْهُ لَحْييَ سَبْعِيْنَ شَيْطَانًا" (¬1).
وروى ابن أبي شيبة، والبيهقي عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: ما خرجت صدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطاناً؛ كلهم ينهى عنها (¬2).
وقلت في المعنى: [من البسيط]
إِنَّ الكَرِيْمَ الَّذِي يَجْرِي التَّصَدُّقُ مِنْ ... عاداتِهِ أَبَداً سِرًّا وَإِعْلانا
لَهُوَ الكَرِيْمُ الَّذِي ما مِثْلُهُ بَطَلٌ ... بِقَهْرِهِ النَّفْسَ مَعْ سَبْعِيْنَ شَيْطانا
¬__________
(¬1) رواه الإمام أحمد في "المسند" (5/ 350)، وابن خزيمة في "صحيحه" (2457)، والحاكم في "المستدرك" (1521)، والبيهقي في "شعب الايمان" (3474).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (9812)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3475).

الصفحة 576