كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

صَنَعَ، وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيْهَا لِحَاجَتِهِ مِنَ الحَلاَلِ؛ فَإِنَّ فِيْ هَذِهِ السَّاعَةِ عَوْناً لِتِلْكَ السَّاعَاتِ وَاسْتِجْمَاعَا لِلْقَلْبِ وَتَفْرِيْغًا لَهَا.
وَعَلَىْ العَاقِلِ أَنْ يَكُوْنَ بَصِيْرًا بِزَمَانِهِ، مُقْبِلاً عَلَى شَانِهِ، حَافِظًا لِلِسَانِهِ؛ فإِنَّ مَنْ حَسَبَ كَلاَمَهُ مِنْ عَمَلِهِ أقلَّ الكَلاَمَ إِلاَّ فِيْمَا يَعْنِيْهِ.
وَعَلَىْ العَاقِلِ أَنْ يَكُوْنَ طَالِبًا لِثَلاَثٍ: مَرَمَّةٍ لِمَعَاشٍ، أَوْ تَزَوُّدٍ لِمَعَادٍ، أَوْ تَلَذُّذٍ مِنْ غَيْرِ مُحَرَّمٍ".
قلت: يا رسول الله! فما كانت صحف موسى؟
قال: "كَانَتْ عِبَراً كُلُّها؛ عَجِبْتُ لِمَنْ أَيْقَنَ بِالمَوْتِ ثُمَّ يَفْرَحُ، وَلِمَنْ أَيْقَنَ بِالنَّارِ ثُمَّ يَضْحَكُ، وَلِمَنْ يَرَىْ الدُّنْيَا وَتَقَلُّبَهَا بِأَهْلِهَا ثُمَّ يَطْمَئِنُّ إِلَيْهَا، وَلِمَنْ أَيْقَنَ بِالقَدَرِ ثُمَّ يَنْصَبُ، ولِمَنْ أَيْقَنَ بِالحِسَابِ ثُمَّ لا يَعْمَلُ".
قلت: يا رسول الله! هل أنزل الله عليك شيئًا مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟
قال: "يا أَبا ذَرٍّ! نعَمْ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15) بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)} [الأعلى: 14 - 19] " (¬1).

54 - ومنها: الاستشارة.
والظاهر أن الاستخارة كذلك؛ لأن الأنبياء عليهم السلام أحق
¬__________
(¬1) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (23/ 275). ورواه ابن حبان في "صحيحه" (361)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (1/ 167).

الصفحة 60