كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

فأقروا بأنَّه اجتمع عند سليمان ألف امرأة فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألفُ امْرَأَةٍ" قالوا: نعم، مئة مَهْرِيَّة، وتسع مئة سَرِية، وعند داود مئة امرأة، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَلْفٌ عِنْد رَجُلٍ وَمِئَهٌ عِنْدَ رَجُلٍ أَكْثَرُ أَوْ تِسْعُ نِسْوَةٍ؟ " فسكتوا، وكان له يومئذٍ تسع (¬1).
ونقل حجة الإسلام في "الإحياء" عن سفيان بن عيينة رحمه الله: أنه قال: كثرة النساء ليست من الدنيا؛ لأن علياً - رضي الله عنه - كان أزهد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان له أربع نسوة وسبع عشرة سرية.
قال: فالنكاح سنة ماضية وخلق من أخلاق الأنبياء عليهم السلام (¬2).
وقوله: "إن كثرة النساء ليست من الدنيا": أراد الدنيا المذمومة، فلا مُنافاة بينه وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطّيْبُ" (¬3).
وبذلك أجاب شيخ الإسلام الوالد رحمه الله عما نقله عن الأوزاعي رحمه الله: أنَّ حب النساء ليس من حب الدنيا، فقال في كتابه "فصل الخطاب": [من الرجز]
وَقالَ الأَوْزاعِيُّ عَبْدُ الرَّحْمَنْ ... هُوَ ابْنُ عَمْرٍو لَيْسَ حُبُّ النِّسْوانْ
¬__________
(¬1) انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (8/ 202)، و"تفسير الثعلبي" (3/ 329)، و"تفسير القرطبي" (5/ 252).
(¬2) انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (2/ 23).
(¬3) تقدم تخريجه.

الصفحة 83