كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

وقال سعيد بن جبير رحمه الله: أطلق تكة سراويله (¬1).
وهؤلاء أعلم بالله تعالى وبتأويل كتابه، وأشد تعظيماً للأنبياء عليهم السلام أن يقولوا فيهم بغير علم كما قال القاسم بن سلام، وعليه المحققون من المتأخرين (¬2).
على أن الهم لا مؤاخذة فيه كما في الحديث، وما ذكره الله تعالى في القرآن العظيم عن الأنبياء عليهم السلام من مثل ذلك لم يكن تعييراً لهم كما قاله الحسن البصري رحمه الله، ولكن لئلا ييئس غيرهم من التوبة، وليكمل للأنبياء مقام التوبة والافتقار إلى الله تعالى في قبولها (¬3).
¬__________
(¬1) رواه الطبري في "التفسير" (12/ 184)،
(¬2) انظر: "تفسير السمعاني" (3/ 21)، و"تفسير البغوي" (2/ 418).
(¬3) نقل المفسرون عن السلف أقوالاً كثيرة تؤيد ما ذهب إليه المصنف من أن يوسف عليه السلام همَّ بالمعصية، لكن في بعض هذه الأقوال نكارة من جهة أنها ليست هماً إنما هي فعل، كما نقل الطبري في "تفسيره" (12/ 184) عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: استلقت له وجلس بين رجليها وحل ثيابه أو ثيابها.
قال ابن العربي في "أحكام القرآن" (3/ 37): إن الله سبحانه ما أخبر عنه أنه أتى في جانب القصة فعلاً بجارحة، وإنما الذي كان منه الهم، وهو فعل القلب، فما لهؤلاء المفسرين لا يكادون يفقهون حديثاً ويقولون فعل وفعل؟ والله إنما قال: {وَهَمَّ بِهَا} لا أقالهم ولا أقاتهم الله ولا عالهم.
وقال شيخ الإسلام في "منهاج السنة" (2/ 411): ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلاً في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها، والهم كما قال الإمام أحمد - رضي الله عنه - همان؛ همُّ خَطَرات، وهَمُّ إصرار، فيوسف عليه الصلاة والسلام =

الصفحة 87