كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 5)

وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق وأنا أمشي أمامك؛ فإنَّا لا ننظر في أدبار النساء، قال ثم قالت: {يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص: 26] لما رأت من قوته وقوله لها ما قال، فزاده ذلك فيه رغبة (¬1).
ونظير ذلك ما رواه ابن الجوزي في كتاب "ذم الهوى": أنَّ وفد عبد القيس لمَّا وفدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم غلام أمرد، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - إن يجلس وراء ظهره (¬2).
وذلك من النبي وموسى عليهما الصلاة والسلام مبالغة في غض البصر، ولا يُساعد على غض البصر شيء كالنكاح، ولقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من رأى امرأة فأعجبته أن يأتيَ أهلَه، كما روى مسلم، والترمذي عن جابر - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة فدخل على زينب رضي الله عنها فقضى حاجته وخرج وقال: "إِنَّ المَرْأَةَ تُقْبِلُ فِيْ صُوْرَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا رَأَىْ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الذِيْ مَعَهَا" (¬3).
وروى الإمام أحمد بسند جيد، عن أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - قال: مرَّت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نسوة، فوقع في قلبه شهوة النساء، فدخل فأتى بعض
¬__________
(¬1) رواه الحاكم في "المستدرك" (3530).
(¬2) رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص: 106). قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (3/ 148): قال ابن الصلاح: ضعيف لا أصل له.
(¬3) رواه مسلم (1403)، والترمذي (1158) واللفظ له. وكذا رواه أبو داود (2151).

الصفحة 89