كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 5/ 1)

هنا مجال الحديث هنا، بل صدر الجزء الثالث، وهو يتحدث عن مسائل علم الأصول؛ كالقياس، والاستصحاب، ومراعاة العرف، وسد الذرائع، والمصالح المرسلة، والسنّة والبدعة، وغير ذلك، وهذا الجزء يهم الذين يشتغلون بدراسة علم الأصول في كليتي أصول الدين والشريعة؛ لأن مؤلفه استطاع فيه أن يعرض مسائل هذا العلم مصفاة مجلوة، تأخذ طريقها إلى العقل والذاكرة في سهولة ويسر.
وسيرى المطالع لكتاب "رسائل الإصلاح" أنه ثمرة لجهاد علمي طويل، بذل فيه صاحبه ما بذل من وقته وجهده وتفكيره، وأنت حينما ترى الأستاذ الخضر حسين، أو تجلس إليه، تعجب لهذه الشخصية النبيلة التي تفيض خلقًا وأدبًا، وتطيل الصمت والسكوت، ولا تتكلم إلا بقدر، ولا تنطق إلا بحياء، وقد تقول: كيف استطاع ذلك الشيخ الكبير أن يصبر لمتاعب التفكير والتأليف والكتابة والطباعة؟ ولكنك لو علمت أن في هذه الأثواب الرهيبة أسداً إسلامياً طالما ضحّى وجاهد، وطالما دعا إلى الله، وعمل لثه، ولو علمت ما يجب أن تعلمه من تاريخ الخضر حسين، لأدركت أن وراء هذا الهدوء ثورة، وأن هذا الشخص يحكمه عقل جبّار، وتزينه روح مؤمنة لا تعرف هوادة ولا لينًا، ولا راحة في سبيل العمل للعلم والدين.

الصفحة 285