كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 5/ 2)

نحن وأنتم في دار جاهلية، وكان الفضل فيها لمن جهل، فسفكنا دماءكم، وسبينا نساءكم، واليوم في دار الإِسلام، والفضل فيها لمن حلم.
وأما ما لا يرونه شرفاً، ولا يسوقونه في مقام المفاخرة، فعلى ضربين:
أحدهما: ما كانوا يتخيلونه نقيصة تحط من مكان الرجل، فكشف الشارع عن فساد تصورهم وأيقظهم إلى أنه يلتئم بنظام الشرف؛ كالاحتفاظ بالبنات، والجلوس مع المساكين.
ثانيهما: ما حسبوه غير مناف للفضيلة، وقاسوه بالأعمال التي يسعها أن تقارن كرم الهمة، فنادى عليهم بالخطأ في قياسهم، وأشعرهم بأنه مما ينقض بناء الفضل، ويبلي أطلاله؛ كتعاطي الربا.
* الشرف والتفاضل فيه:
يطلق اسم الشرف، ويراد منه معنى: الفضل، قال في "لسان العرب": "كل ما فضل على شيء، فقد شرف". والفضل: زيادة الشيء فيما هو كمال فيه، والشيء إنما يكمل بالوصف الذي يمتاز به، ويراد منه، كالصرامة في السيف، والعَدو في الفرس، والإضاءة في الكوكب، والحكمة في الإنسان، واستيفاء مطالب الحياة وشرائط السعادة في الأمة، وإجراء النظامات العادلة في الدولة.
يذهب بعضهم إلى أن التفاضل إنما يجري في أفراد النوعِ الواحد؛ لأنها تعمل إلى جهة الكمال في قَرَن، وتتواطأ في سيرها على سُنَن، ويصرح بأن عقد التفاضل بين الأشياء المختلفة في حقائقها المتباينة في غاياتها لا تجتنى من ورائه ثمرة، ويتعسر وضعه في مكان عادل.
وتحرير هذا: أن التفضيل بين الأمور المشتركة في جهة كمالها قريب

الصفحة 217