كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

106- حدثني محمد بن الحسين، قال: أخبرنا مجاشع بن عمرو التميمي، قال: حدثنا رشدين بن سعد المصري، عمن حدثه، عن وهب بن منبه، قال: لما أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض مكث لا ترقأ دموعه، اطلع الله إليه في اليوم السابع وهو محزون كظيم منكس رأسه، وأوحى الله عز وجل إليه: يا آدم، ما هذا الجهد الذي أرى بك؟ وما هذه البلية التي قد نزل بك بلاؤها؟ قال آدم: إنها عظمت مصيبتي، وأحاطت بي خطيئتي، أخرجت من ملكوت ربي عز وجل، فصرت في دار الهوان بعد الكرامة، وفي دار الشقاء بعد السعادة، وفي دار النصب والعناء بعد الخفض والراحة، وفي دار البلاء بعد العافية، وفي دار الزوال والظعن بعد القرار والطمأنينة، وفي دار الموت والفناء بعد الخلد والبقاء، فكيف لا أبكي على خطيئتي، ولا تحزن نفسي؟ أم كيف لي أن أجتبر هذه المصيبة؟ فأوحى الله عز وجل إليه: يا آدم، ألم أصطنعك لنفسي، وأحللتك داري، واصطفيتك على خلقي، وخصصتك بكرامتي، وألقيت عليك محبتي، وحذرتك سخطي؟ ألم أخلقك بيدي، وأنفخ فيك من روحي، وأسجد لك ملائكتي؟ ألم تكن في بحبوحة كرامتي، ومنتهى رحمتي، فعصيت أمري، ونسيت عهدي، وتعرضت لسخطي، وضيعت وصيتي؟ فكيف تستنكر نعمتي؟ فوعزتي لو ملأت الأرض رجالاً كلهم مثلك يعبدوني ويسبحوني الليل والنهار لا يفترون، ثم عصوني، لأنزلتهم منازل العاصين الآثمة الخطائين، إلا أن تدركهم رحمتي, فبكى آدم عند ذلك ثلاثمائة عام على جبل الهند، تجري دموعه في أودية جبالها, قال: فنبتت بتلك المدامع أشجار طيبكم هذا.
107 - حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا رياح، أو غيره، عن فضيل بن عياض، عن هشام، عن الحسن، قال: بكى آدم عليه السلام حين أهبط من الجنة ثلاثمائة عام، حتى جرت أودية سرنديب من دموعه.

الصفحة 133