كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

128 - حدثنا عبيد الله بن سعد القرشي، قال: حدثنا عمي, قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: كان أول من أبصر ما فيها, وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد، يقال لها: مهد، فلما تبينت ما فيها صاحت, ثم صعقت, فلما أفاقت, قيل لها: ماذا رأيت؟ قالت: رأيت ريحا كشهب النار، أمامها رجال يقودونها, فسخرها الله تبارك وتعالى سبع ليال وثمانية أيام حسوما, والحسوم: الدائمة، فلم تدع من عاد أحدا إلا أهلكته، واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة، ما يصيبهم من الريح إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذه الأنفس، وإنها لمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة.
129 - وحدثنا الحسين بن علي العجلي، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن السدي، قال: كان قوم عاد من أهل اليمن، كانوا بأحقاف، والأحقاف: الرمال، فأتاهم فدعاهم وذكرهم بما قص الله عليك في القرآن، فكذبوه وكفروا، وسألوا أن يأتيهم بالعذاب، فقال لهم: إنما العلم عند الله، وأصابهم حين كفروا قحط من المطر، فجهدوا جهدا شديدا، فدعا عليهم هود عليه السلام، فبعث الله عليهم الريح العقيم التي لا تلقح, فلما نظروا إليها: {قالوا هذا عارض ممطرنا} فلما دنت منهم، نظروا إلى الرحال والإبل تطير بهم الريح بين السماء والأرض، فلما رأوها تبادروا البيوت، فلما دخلوا البيوت دخلت عليهم, فأهلكتهم فيها، ثم أخرجتهم من البيوت، فأصابتهم: {في يوم نحس مستمر} النحس: الشؤم، والمستمر: استمر عليهم العذاب {سبع ليال وثمانية أيام حسوما} قال: حسمت كل شيء مرت به: {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل منقعر} انقعر من أصوله, فلما أهلكهم الله وأخرجهم من البيوت، أرسل الله عليهم طيرا أسود، فنقلتهم إلى البحر, وألقتهم فيه، فذلك قوله تعالى: {لا يرى إلا مساكنهم}.

الصفحة 139