كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

153- حدثني سعيد بن سليمان، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: قال جندب: قال حذيفة: لما أرسلت الرسل إلى قوم لوط ليهلكوهم، قيل لهم: لا تهلكوا قوم لوط حتى يشهد عليهم لوط ثلاث مرات، قال: وطريقهم على إبراهيم، قال: فأتوا إبراهيم فبشروه بما بشروه: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط} قال: كانت مجادلته إياهم أنه قال لهم: إن كان فيهم خمسون, يعني نفسا أتهلكونهم؟ قالوا: لا، قال: أرأيتم فأربعون؟ قالوا: لا، قال: فثلاثون؟ قالوا: لا, حتى انتهى إلى عشرة, أو خمسة، شك سليمان, فأتوا لوطا عليه السلام وهو في أرض يعمل فيها، فحسبهم ضيفانا، فأقبل بهم حين أمسى إلى أهله، فأمسوا معه، فالتفت إليهم, فقال: أما ترون ما يصنع هؤلاء؟ قالوا: وما يصنعون؟ قال: هم ما من الناس أحد شرا منهم, فانتهوا به إلى أهله، فانطلقت العجوز السوء، امرأته، فأتت قومها فقالت: لقد تضيف لوطا الليلة قوم ما رأيت قط أحسن وجوها، ولا أطيب ريحا منهم، فأقبلوا يهرعون إليه، حتى دفعوا الباب، حتى كادوا أن يغلبوه عليه, فقام ملك بجناحه، فصفقه دونهم، ثم أغلق الباب, ثم علوا الأحاجير فعلوا معه، ثم جعل يخاطبهم: {هؤلاء بناتي هن أطهر لكم} حتى بلغ: {أو آوي إلى ركن شديد قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} فقال جبريل عليه السلام: إنهم رسل الله, فما بقي أحد منهم تلك الليلة إلا عمي, قال: فباتوا بشر ليلة عميا، ينتظرون العذاب, قال: وسار بأهله، فاستأذن جبريل في هلكهم، فأذن له، فارتفع الأرض التي كانوا عليها، فألوى بها, حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم، وأوقد تحتها نارا، ثم قلبها عليهم, فسمعت امرأته الوجبة وهي معه، فالتفتت، فأصابها العذاب.

الصفحة 149