كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

154- حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد القرشي، والحسين بن علي العجلي، قالا: حدثنا عمرو بن محمد، قال: أخبرنا زافر بن سليمان، عن يحيى بن عبد الملك، عن رجل، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان ليعقوب عليه السلام أخ مؤاخ له، فقال له: ما الذي أذهب بصرك, وقوس ظهرك؟ قال: أما الذي أذهب بصري, فالبكاء على يوسف، وأما الذي قوس ظهري, فالحزن على بنيامين, فأوحى الله عز وجل إليه: يا يعقوب، أما تستحي أن تشكوني إلى غيري؟ فقال: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} ثم قال: يا رب، ارحم الشيخ الكبير: أذهبت بصري، وقوست ظهري، اردد علي ريحانتي أشمها، ثم افعل بي ما أردت, فأتاه جبريل صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقرئك السلام ويقول: أبشر وليفرح قلبك، فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك، فاصنع طعاما للمساكين، فإن الذي أذهب بصرك، وقوس ظهرك، وصنع إخوة يوسف به ما صنعوا، أنكم ذبحتم شاة، فأتاكم رجل صائم، فلم تطعموه منها شيئا, فكان يعقوب بعد ذلك إذا أراد أن يتغدى أمر مناديه: من كان يريد الغداء من المساكين, فليتغد مع يعقوب، وإن كان صائما أمر مناديه: من كان صائما من المساكين, فليفطر مع يعقوب عليه السلام.
155 - حدثني أزهر بن مروان، قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى، قال: حدثنا هشام، عن الحسن، قال: كان بين خروج يوسف من عند يعقوب إلى يوم اجتمعا ثمانون سنة، لم يفارق الحزن قلبه، ولم تجف دموعه, حتى ذهب بصره؛ وما كان يومئذ أكرم على الله في الأرض منه.

الصفحة 150