كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

167 - حدثني علي بن محمد بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، أن أيوب النبي صلى الله عليه وسلم ترك كلام ملك ناحيته فيما يفعل من الظلم في أهل عمله، وكلمه جماعة من الأنبياء سواه، فترك أيوب كلامه, لأنه حاله على خيل له كانت في سلطانه, فأوحى الله إليه: تركت كلامه من أجل خيلك؟ لأطيلن بلاءك, فابتلاه الله بما ابتلاه.
168 - وحدثني علي بن محمد، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث بن سعد، قال: قيل لأيوب النبي صلى الله عليه وسلم: ما لك لا تسأل الله العافية؟ قال: لأني لأستحيي من الله من أن أسأله العافية، حتى يمر بي ما مر بي من الرجاء.
169 - حدثنا عبد الرحمن بن واقد، قال: حدثنا ضمرة، عن بشير بن طلحة، عن خالد بن دريك، قال: لما ابتلي أيوب عليه السلام بما ابتلي به، قال لنفسه: قد نعمت سبعين سنة، فاصبري على البلاء سبعين سنة.
170 - حدثني محمد بن عباد بن موسى، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن هشام، عن الحسن، قال: لم يكن بقي من أيوب عليه السلام إلا لسانه وعيناه وقلبه, وكانت الدواب يجتلن في خده، وألقي عليه الكتاب، وكان في بلائه سبع سنين وأشهرا، أو قال: وأياما.
171 - حدثنا يوسف بن موسى, قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون, قال: حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال: إن يونس صلى الله عليه وسلم كان وعد قومه العذاب، وأخبرهم أنه آتيهم إلى ثلاثة أيام, ففرقوا بين كل والدة وولدها، ثم خرجوا, فجأروا إلى الله تعالى, واستغفروه, فكف عنهم العذاب, وغدا يونس ينتظر العذاب، فلم ير شيئا, وكان من كذب ولم تكن له بينة قتل, فانطلق مغاضبا، حتى أتى قوما في سفينة، فحملوه، وعرفوه, فلما دخل السفينة ركدت, والسفن تسير يمينا وشمالا، فقالوا: ما لسفينتكم؟ قالوا: ما ندري, قال يونس: إن فيها عبدا أبق من ربه؛ إنها لا تسير بكم حتى تلقوه، قالوا: أما أنت يا نبي الله فلا والله لا نلقيك، قال لهم يونس: اقترعوا، فمن قرع فليقع, فاقترعوا، فقرعهم يونس ثلاث مرات، فوقع، وقد وكل به الحوت، فلما وقع ابتلعه، فأهوى به إلى قرار الأرض، فسمع يونس تسبيح الحصى: {فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين} ظلمات ثلاث: بطن الحوت، وظلمة الليل، وظلمة البحر: {فنبذناه بالعراء وهو سقيم} قال: كهيئة الفرخ الممعوط: الذي ليس عليه ريش, فأنبت الله عز وجل عليه شجرة من يقطين، وكان يستظل بها، ويصيب منها, فلما يبست بكى عليها حين يبست، فأوحى الله عز وجل: أتبكي على شجرة إذ يبست، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أن نهلكهم؟.

الصفحة 154