كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

172 - حدثنا سعيد بن سليمان، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: كان يونس عليه السلام يدعو قومه، فيأبون عليه، فإذا خلا دعا لهم, قال: وبعثوا عليه عينا لهم، فلما أعيوه, دعا الله عز وجل عليهم، فجاء عينهم، فأخبرهم بذلك، فخرجوا قد ولهوا بالبهائم عن أولادها، وخرجوا يضجون إلى الله عز وجل، فرحمهم الله, فجاء يونس ينظر بأي شيء أهلك قومه، فإذا الأرض مسودة منهم، قال: فانطلق مراغما، فركب مع قوم في سفينة، فجعلت السفينة لا تنتقل ولا ترجع، فقال: ما هذا إلا بذنب بعضكم, فاقترعوا أيكم نلقيه في الماء، ويخلي وجهنا, فاقترعوا فبقي سهم يونس في الشمال، فقالوا: لانفتدي من أصحابنا بنبي الله، فأعادوا القرعة، فبقي سهمه في الشمال، قال يونس: ما يراد غيري، ألقوني في الماء، ولكن لا تنكسوني على رأسي، ولكن صبوني على رجلي صبا, ففعلوا، فجاء الحوت [شاحبا] فاه، فالتقمه، فاتبعه حوت أكبر منه ليلقمهما جميعا، فسبقه، فكان في بطن الحوت، حتى دق لحمه وعظمه وشعره وبشرته، وكان سقيما, فدعا الله فيما دعا به، قال: {فنبذناه بالعراء وهو سقيم وأنبتنا عليه شجرة من يقطين} قال: وكان في تلك الشجرة غذاء، حتى اشتد عظمه، ونبت لحمه وشعره، وبشرته، فكان كما كان, فبعث الله عز وجل عليها ريحا فيبست، فبكى عليها يونس، فأوحى الله عز وجل إليه: يا يونس، أتبكي على شجرة قد جعل الله عز وجل فيها بلاغا، ولا تبكي على قومك أن يهلكوا؟.

الصفحة 155