كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

200 - وحدثني أبي, قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة بن عبد الرحمن، قال: قال سليمان بن داود عليهما السلام: كل العيش قد جربناه، لينه, وشديده، فوجدناه يكفي منه أدناه.
201 - حدثني حمزة بن العباس، قال: أخبرنا خاقان بن يحيى بن عبد الله، قال: أخبرنا الوليد بن مسلم، عن سعيد بن عبد العزيز، قال: لما استلب ملك سليمان عليه السلام، فاستعطى بكفه، تصدق عليه بكسرة يابسة، فجعل يلوكها, فلم يقدر، فأتى شط البحر ليلتها، فضربه الموج, فذهب به، فتبعه سليمان للحاجة إليه, حتى خاف الغرق، فرجع، ثم رده الموج إليه, فتبعه ليأخذه فتباعد، حتى فعل ذلك مرتين, أو ثلاثا، فخر لله عز وجل ساجدا على شاطِئِ البحر، فقال: ابتليتني حتى بهذه الكسرة، فلا أنا أقدر عليه فأريح نفسي، ولا يذهب فأستريح منه، فلو عرفت الذنب الذي عاقبتني لتبت إليك منه، ولكني لا أعرفه، فاغفر لي كله, قال: فرد الله عز وجل عليه بعد.
- أول قصة داود عليه السلام
202 - حدثني الحسين بن علي, أبو عبد الله المقرئ, عن شيخ حدثه قال: أوحى الله عز وجل إلى داود عليه السلام: إنه في سابق علمي أن أكلك إلى نفسك ساعة، قال: يا رب، في أي وقت؟ قيل: في شهر كذا، من سنة كذا، في يوم كذا، في ساعة كذا, فلما كان ذلك اليوم دخل محرابه.
203 - حدثنا شريح بن يونس، قال: حدثنا عمر بن عبد الرحمن، عن السدي، قال: كان داود في محرابه يوم عبادته، فجاء طائر رأسه وجناحاه من ذهب، حتى وقع قريبا منه، فذهب ليأخذه، فتنقل, فوقع مكانا آخر، ثم ذهب ليأخذه، فتنقل, فوقع مكانا آخر، فذهب ليأخذه، فطار, فوقع على كوة نافذة، فذهب ليأخذه، فطار، فأشرف عليه السلام على المرأة وهي تغتسل، فوقعت في قلبه, فأخبرني بعض أصحابنا أنها حين رأته تخللت بشعرها, ثم رجع إلى حديث السدي، قال: فكتب داود عليه السلام إلى صاحب جنده: أن انظر أوريا, يعني زوج المرأة, فابعثه إلى فلان، لا يألو أشد العدو نكاية، ليعرضه للقتل, فكتب إليه: إنه قد فتح له، ثم كتب إليه مرتين, أو ثلاثة: أن ابعثه إلى فلان, قال: وجاء إخوة الجارية, حتى دخلوا على داود, فقالوا: أيها الملك، إنه كان لنا عين لم يكن في بني إسرائيل عين أحسن منها، فجاء رجل فكفلها يقوم عليها، فيسقي بمائها، ويطعمنا من الجوع، فجاء أسد فربض على تلك العين، فإذا جاء رجل ليستقي طرده، فقد فسدت العين، ويبست الثمار، وهلكنا جوعا, فظن داود أن هذا مثل ضربه له، فقال: سأطرد ذلك الأسد عنكم، فكتب إلى صاحب جنده: أن انظر أوريا فانقله، فكتب إليه: أن قد أصيب، قال: فبينا داود عليه السلام في محرابه يوم عبادته، إذ جاء الملكان, فاستأذنا عليه، فقيل لهما: قد علمتما أن هذا ليس بيوم قضاء، إنما هو يوم عبادة, قال: فتسورا عليه المحراب، قال: ففزع منهما داود، فقالا: {لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء} قال: السدي: يعني الرعاء في هذا الموضع: {ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم} إنك لأهل أن تكسر منك هذه وهذه، وأومأ إلى جبينه, وحاجبيه, وأصل.... فقال الملكان: فإنك يا داود أهل أن تكسر منك هذه وهذه, قال: {وظن} يعني: فعلم: {داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب}, فلم يزل باكيا, حتى نبت من دموعه من البقل ما وراء أذنيه، حتى أوحى الله عز وجل إليه بالمغفرة، فقال: يا رب، كيف أصنع ومن عدلك وفضلك أن لا تظلم أحدا لأحد؟ إذا جاء أوريا يوم القيامة أخذ بتلابيبي, يقول: يا رب، سل هذا فيم فعل بي ما فعل؟ فأوحى الله عز وجل إليه: إن من عدلي وفضلي أن لا أظلم أحدا لأحد، ولكن أمكنه منك، ثم أستوهبك منه، وأثيبه ما هو أفضل من ذلك.

الصفحة 166