كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

220 - وحدثني علي بن الحسن، قال: حدثنا مسعود بن عمرو، عن يوسف بن أسباط، قال: ذكرت عند سفيان الثوري الرخص، فقال: لقد بلغني أن الله عز وجل يأمر الملك من الملائكة بالأمر، فيقصر في الطيران، فيقص جناحه، ولا يصعده إلى السماء إلى يوم القيامة.
221 - حدثنا أبو نصر التمار، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي عثمان، عن ابن عباس، وابن مسعود، قالا: لما كثر, يعني ذنوب بني آدم, دعت عليهم السماء, والأرض, والملائكة: ربنا أهلكهم, فأوحى الله إلى الملائكة: إني لو أنزلت الشهوة والشيطان منكم منزلتهما من بني آدم, لفعلتم مثلما يفعلون, فحدثوا أنفسهم أنهم إن ابتلوا أنهم يستعصمون، فأوحى الله عز وجل إليهم: أن اختاروا من أفضلكم ملكين، فاختاروا هاروت, وماروت، فهبطا إلى الأرض حكمين، وهبطت الزهرة في صورة امرأة، وأهل فارس يسمونها بيذخت، وكانت الملائكة قبل ذلك يستغفرون للذين آمنوا: {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك} فلما وقعا في الخطيئة استغفروا لمن في الأرض؛ إلا أن الله هو الغفور الرحيم، فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، فاختاروا عذاب الدنيا.
- باب أول قصة آدم عليه السلام
222 - حدثنا إسماعيل بن راشد، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن موسى بن جبير، عن نافع، مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنه، أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله عز وجل إلى الأرض, قالت الملائكة: أي رب: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون} قالوا: أي ربنا، نحن أطوع لك من بني آدم، قال الله عز وجل للملائكة: هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض, فننظر كيف يعملان، قالوا: ربنا، هاروت, وماروت, فأهبطا إلى الأرض، ومثلت لهم الزهرة امرأة من أحسن البشر، فجاءتهما، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله, حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك، قالا: لا والله لا نشرك بالله أبدا، فذهبت عنهما، ثم رجعت بصبي، فسألاها نفسها، قالت: لا والله, حتى تقتلا هذا الصبي، قالا: لا والله لا نقتله أبدا، فذهبت، ثم رجعت بقدح من خمر تحمله، فسألاها نفسها، فقالت: لا والله حتى تشربا هذا الخمر, فشربا، فسكرا، فوقعا عليها، وقتلوا الصبي، فلما أفاقا, قالت المرأة: والله ما تركتما شيئًا مما أبيتماه علي إلا قد فعلتما حين سكرتما, فخيرا بعد ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة، فاختارا عذاب الدنيا.

الصفحة 172