كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

224 - حدثنا إسحاق، عن إسماعيل، قال: حدثنا قبيصة، قال: حدثنا سفيان، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن كعب، قال: قالت الملائكة، وذكروا أعمال بني آدم, وما يأتون من الذنوب، قال: فقال لهم: لو كنتم مكانهم لأتيتم بما يأتون، فاختاروا منكم, قال: فاختاروا هاروت, وماروت، قال: فقال لهما: انزلا، ولا تسرقا، ولا تزنيا، ولا تشركا بي شيئا، قال: فنزلا, قال ابن عمر: فقال كعب: فوالله ما أمسيا حتى أتيا ما حرم الله عز وجل عليهما.
225 - حدثنا يحيى بن أيوب، قال: حدثنا علي بن ثابت، قال: حدثني أبو إلياس إدريس بن سنان، عن وهب بن منبه, قالت بنو إسرائيل لشعيا: صلينا فلم تنور صلاتنا، وتزكينا فلم تزك زكاتنا، وبكينا بمثل حنين الحمام, وعوي الذئاب, في كل ذلك لا يسمع منا, قال: فاسألهم: بم ذلك؟ وما الذي يمنعني من ذلك؟ لأن ذات يدي من قلة؟ فكيف وبيدي خزائن السماوات والأرض، أنفق كيف أشاء؟ أم لأن رحمتي ضاقت؟ وإنما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي، أم لأن البخل يعتريني؟ أولست أجود من سئل، وأفضل من أعطى؟ لو أن هؤلاء القوم نظروا لأنفسهم بالحلم الذي يورث في صدورهم، فاشتروا بها الدنيا، إذا لعرفوا من أين أتوا، وإذا.... إن أنفسهم هي أعدى العداة لهم, كيف أنور صلاتهم, وقلوبهم صاغية إلى الدنيا.... ويستحلون محارمي؟ أم كيف أقبل صيامهم, وهم يتقوون عليه بالطعمة الحرام؟ أظنه قال: أم كيف أقبل زكاتهم, وإنما اغتصبوا الناس؟ وبم أؤجر عليها أهلها المغتصبين؟ فإني قضيت على نفسي قضاء يوم خلقت السماوات والأرض, جعلت لذلك أجلا مؤجلا لا بد وأن سوف يقع، فاسألهم متى ذلك؟ ومن العالم بهذا الأمر من أعوان هذا الأمر إن كانوا صادقين؟ فإني مبعث لذلك نَبِيًّا أُمِّيًّا، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب بالأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا أسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، ثم أجعل التقوى ضميره، والحكمة معقوله، والبر والوفاء طبيعته، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، إيمانا بي وإخلاصا، يصلون لي على الأشراف، يطهرون الأطراف، أناجيلهم صدورهم، وقربانهم دماؤهم، ليوث النهار، رهبان الليل، ذلك فضلي أؤتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم.

الصفحة 174