كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

227- حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثنا جرير، عن عطاء بن السائب: كنت جالسا في المسجد، فإذا شيخ قد جاء فجلس وجلس إليه الناس، فقالوا: هذا من أصحاب عبد الله، فقال: سمعت عبد الله في قوله عز وجل: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} إلى نهاية: {كانوا يفسقون} قال: لما حرم الله عز وجل عليهم السبت، كانت الحيتان تأمن يوم السبت فتجيء، لا يستطيعون أن يمسوها، فكان إذا ذهب يوم السبت ذهبت، فكانوا يتصيدون كما يتصيد الناس، فلما أرادوا أن يعتدوا في السبت, اصطادوا فيه، فنهاهم قوم من صلحائهم، فأبوا وكاثرهم الفجار، فأراد الفجار قتالهم، وكان فيهم من لا يشتهون قتلهم، أبو أحدهم, أو أخوه, أو ذو قرابته, فلما نهوهم أبوا، قال الصالحون: إذا أبيتم فإنا نجعل بيننا وبينكم حائطا، قال: ففعلوا، فلما فقدوا أصواتهم, قال بعضهم لبعض: لو نظرتم إلى إخوانكم ما فعلوا؟ فنظروا، فإذا هم قد مسخوا قرودا، فكانوا يعرفون الكبير بكبره، والصغير بصغره، فجعلوا يبكون إليهم, هذا بعد موسى صلى الله عليه وسلم.
228 - حدثنا عبد الرحمن بن صالح، قال: حدثنا ابن علية، عن أيوب، قال: تلا الحسن ذات يوم قوله تعالى: {واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر} إلى آخر الآية، فقال: حوت حرمه الله عليهم في يوم، وأحله لهم فيما سوى ذلك، فكان يأتيهم في الذي حرمه عليهم كأنه المخاض، ما يمتنع من أحد، فجعلوا يهمون ويمسكون، وقل ما رأيت أحدا يكثر الإهمام بالذنب إلا واقعه، فجعلوا يهمون بالذنب ويمسكون، وأشده عقوبة في الآخرة، وايم الله، للمؤمن أعظم حرمة عند الله عز وجل من حوت، ولكن الله عز وجل جعل موعدهم الساعة: {والساعة أدهى وأمر}.

الصفحة 177