كتاب العقوبات لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

246 - حدثنا عبيد الله بن سعد القرشي، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد الليثي، قال: لقد ذكر لي أن فرعون خرج في طلب موسى عليه السلام على سبعين ألفا من دهم الخيل، سوى ما في جنده من شبه الخيل, قال ابن إسحاق: وخرج موسى ببني إسرائيل، حتى إذا قابله البحر, لم يكن له عنه منصرف، طلع فرعون في جنوده من خلفهم: {فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين} للنجاة، قد وعدني ذلك، ولا خلف لموعوده, فأوحى الله عز وجل فيما ذكر لي إلى البحر: إذا ضربك موسى بالعصاة فانفلق, قال: فبات البحر يضرب بعضه بعضا فرقا من الله عز وجل, وانتظار ما أمر به، وأوحى الله عز وجل إلى موسى: {أن اضرب بعصاك البحر} فضربه بها، وفيها سلطان الله عز وجل الذي أعطاه: {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} عن يبس من الأرض, يقول الله عز وجل لموسى: {فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى} فلما شق له البحر عن طريق قاعه يبس، تلا موسى ببني إسرائيل، فاتبعه فرعون وجنوده.
247 - حدثنا عبيد الله بن سعد، قال: حدثنا عمي، قال: حدثنا أبي، عن أبي إسحاق، قال: حدثني محمد بن كعب القرظي، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: حدثت أنه لما دخلت بنو إسرائيل فلم يبق منهم أحد، أقبل فرعون وهو على حصان له من الجبل، حتى وقف على شفير البحر, وهو قائم على حاله، فهاب الحصان أن يتقدم، فعرض له جبريل عليه السلام على فرس أنثى وديق، فقربها منه، فشمها الفحل، فلما شمها قدمها، فتقدم الحصان معها وعليه فرعون, فلما رأى جند فرعون قد دخل دخلوا معه، قال: فجبريل عليه السلام أمامه يتبعه فرعون، وميكائيل على فرس من خلف القوم يشحذهم على فرسه ذلك، يقول: الحقوا، حتى إذا فصل جبريل عليه السلام من البحر وليس معه أحد، ووقف ميكائيل على ناحيته الأخرى ليس خلفه أحد، انطبق عليهم البحر، ونادى فرعون حين رأى من سلطان الله عز وجل وقدرته ما رأى: {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} يقول الله تبارك وتعالى: {آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} أي: عبرة وبينة، أنك لم تكن كما تقول لنفسك, فكان يقال: لو لم يخرجه الله تعالى ببدنه حتى عرفوه، لشك فيه بعض الناس.

الصفحة 183