كتاب العيال لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
336 - وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ لِمُؤَدِّبِ بَنِيهِ: عَلِّمْهُمُ الصِّدْقَ كَمَا تُعَلِّمُهُمُ الْقُرْآنَ وَجَالِسْ بِهِمُ الْعُلَمَاءَ وَالأَشْرَافَ فَإِنَّهُمْ أَحْسَنُ شَيْءٍ أَدَبًا وَأَسْوَأُ شَيْءٍ رَغْبَةً وَجَنِّبْهُمُ الْحَشَمَ فَإِنَّهُمْ لَهُمْ مَفْسَدَةٌ وَحَسِّنْ شُعُورَهُمْ تَغْلُظْ رِقَابُهُمْ وَأَطْعِمْهُمُ اللَّحْمَ يَقْوَوْا وَيَشْجُعُوا وَرَوِّهِمُ الشِّعْرَ يَسْتَحُوا وَيَنْجُدُوا وَمُرْهُمْ فَلْيَسْتَاكُوا وَلْيَمُصُّوا الْمَاءَ مَصًّا َلاَ يَعُبُّوا عَبًّا فَإِنَّ الْعَبَّ يُوَرِّثُ الْكِبَادَ.
337 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الأَشْعَثِ، حَدَّثَنِي مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ السُّلَمِيُّ، أَنَّ الْهَيْثَمَ بْنَ عِمْرَانَ حَدَّثَهُمْ , قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ، يَقُولُ: كُنْتُ أُعَلِّمُ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَمَرْوَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُعَاوِيَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ، وَهُمْ بَنُو عَاتِكَةَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: فَكُنْتُ عَلَى فِرَاشٍ وَهُمْ بَيْنَ يَدَيَّ يَتَعَلَّمُونَ، فَأَقْبَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَمْشِي بِغَيْرِ رِدَاءٍ فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَيْهِ يَؤُمُّنِي يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ عِنْدِي فَقُمْتُ عَنِ الْفِرَاشِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: اجْلِسْ يَا إِسْمَاعِيلُ مَكَانَكَ فَجَلَسْتُ وَقَامَ قَائِمًا فَقَالَ يَا غَُلاَمُ: ائْتِنِي بِوِسَادَةٍ فَأُوتِيَتْ لَهُ وِسَادَةٌ فَجَلَسَ مَعَهُ بَنُوهُ بَيْنَ يَدَيَّ أَوْ إِلَى جَانِبِي فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ إِسْمَاعِيلَ قَدْ عَمَّنَا بِالتَّعْلِيمِ فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَدَعَنَا نَلْعَبُ قَالَ: بِأَيِّ شَيْءٍ تُرِيدُونَ أَنْ تَلْعَبُوا؟ قَالُوا: بِالْجَوْزِ فَقَالَ: يَا غَُلاَمُ، ائْتِنَا بِقُفَّةٍ مِنْ جَوْزٍ وَأَخَذُوا يَلْعَبُونَ وَأَخَذَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُعِينُ ابْنَهُ الأَوْسَطَ مَرْوَانَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الأَصْغَرِ إِذْ فَرَّ الأَصْغَرُ فَبَكَى
قَالَ: يَقُولُ لَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ: فِي شَأْنِ عَشْرِ جَوْزَاتٍ قَمَرَكَ تَبْكِي نَحْنُ نَهَبُ لَكَ غِرَارَةً مَلأَى، قَالَ الْغَُلاَمُ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي أَنْ قَمَرَنِي وَلَكِنْ أَبْكِي عَلَى تَعْلِيمِكَ إِيَّاهُ عَلَيَّ مُنْذُ الْيَوْمِ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: فَقُلْتُ لِيَزِيدَ: أَلاَ تَرَى إِلَى أَخِيكَ بَكَى مِنْ عَشْرِ جَوْزَاتٍ؟ فَنَكَّسَ الْغَُلاَمُ حَيَاءً وَلَمْ يُجِبْنِي يَعْنِي يَزِيدَ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ حِينَ رَآهُ َلاَ يَتَكَلَّمُ: قَدِ اسْتَحْيَى لَنَجِدَنَّ أَبَا خَالِدٍ حَلِيمًا سَكُوتًا يَعْنِي يَزِيدَ إِذْ لَعِبُوا وَضَحِكُوا فَقَالَ: يَا بَنِيَّ تَضْحَكُونَ وَتَلْعَبُونَ وَقَدْ مَرَّ عَلَى رَأْسِ أَبِيكُمْ مَا قَدْ مَرَّ، قَالُوا: وَأَنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَالنَّاسُ تَحْتَكَ فَبِأَيِّ شَيْءٍ؟ قَالَ: يَا بَنِيَّ قَدْ كُنْتُ أَرَى وَأَنَا أَغْزُو إِلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ بِأَهْلِ الشَّامِ فَإِذَا أَهْلُ الْعِرَاقِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ كَثْرَةً وَإِذَا أَنْصَارِي مِنْ أَهْلِ الشَّامِ تُحَامِيهِمْ أَعْدَاءٌ فَيَذْهَبُ عَقْلِي طَوِيلاً، ثُمَّ رَدَّهُ اللَّهُ إِلَيَّ بَعْدُ.
الصفحة 323