كتاب العزلة والانفراد لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

37 - حدَّثني العباس, قال: حدَّثني عبد الرحمن بن مهدي، عن جعفر بن سليمان، عن المعلى بن زياد, قال: كان لصفوان بن محرز سرب يبكي فيه.
38 - حدَّثني إسحاق بن إبراهيم, قال: حدثني محمد بن بشر العدني، عن بكر بن محمد, قال: قال لي داود الطائي: فر من الناس كما تفر من الأسد.
39 - حدَّثني الحسن بن الصباح, قال: حَدَّثَنا المؤمل بن إسماعيل، حَدَّثَنا سفيان, قال: حَدَّثَنا الوليد بن المغيرة, قال: قال سعيد بن المسيب: عليك بالعزلة, فإنها عبادة.
40 - حدَّثني محمد, قال: حدثني الصلت بن حكيم, قال: حدثني عبد الله بن مرزوق, قال: استشرت سفيان الثوري, رحمه الله, قال: قلت: أين ترى أن أنزل؟ قال: بمر الظهران حيث لا يعرفك إنسان.
41 - حدَّثني محمد بن الحسن, قال: حدثني خلف بن إسماعيل البرزاني, قال: سمعت سفيان الثوري يقول: أقل من معرفة الناس, تقل غيبتك.
42 - حدَّثني محمد, قال: حَدَّثَنا زكريا بن عدي, قال: سمعت عابدا باليمن، يقول: سرور المؤمن ولذته في الخلوة بمناجاة سيده.
43 - حدَّثني محمد, قال: حدثني بشر بن مصلح العتكي, قال: حدثني عطاء بن مسلم الخفاف, قال: قال لي سفيان: يا عطاء! احذر الناس، واحذرني, فلو خالفت رجلا في رمانة، فقال: حامضة، وقلت: حلوة، أو قال: حلوة، وقلت: حامضة, لخشيت أن يشيط بدمي.
44 - حدَّثني الحسين بن عبد الرحمن, قال: قال بعض الحكماء: ألم تر إلى ذي الوحدة ما أحلى ورعه، وأرفع عيشه، وأقنع نفسه بالقصد، وآمنه للناس، وأبعد وإن يرى بالحرص مستعبدًا لو لصروف الأيام مستكينا؟! إن منع قلت هموم، وإن طرق قل أسفه، وإن أحد لم تكثر الحقوق عليه، وإن أكدى لم يكبر الصبر عليه، وإن قنع لم يحصره المؤن، وإن طلب لم تذلله الكثرة، لا يشتكي ألم غيره، ولا يحاذر إلا على نفسه, وذو الكثرة غرض الأيام المقصودة، وثأرها للمطلوب وصريح مصائبها وآفاتها، ما أدوم نصبه، وأقل راحته، وأخس من ماله نصيبه وحظه، وأشد من الأيام حذره، وأعيى الزمان بكلمه ونقصه، ثم هو بين سلطان يرعاه، وعدو يبغي عليه، وحقوق تستريبه، وأكفاء ينافسونه، وولد يودون موته، قد بعث عليه من سلطانه بالعنت، ومن أكفائه الحسد، ومن أعدائه البغي، ومن الحقوق الذم، لا يحدث البلغة قنع فدام له السرور، ورفض الدنيا فسلم من الحسد، ورضي بالكفاف فتنكبته الحقوق.

الصفحة 37