كتاب العزلة والانفراد لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
50 - حدَّثني سلمة بن شبيب، عن محمد بن أبي روح، عن شعيب بن حرب, قال:
دخلت على مالك بن مغول بالكوفة، وهو في داره وحده جالس، فقلت له: أما تستوحش في هذه الدار وحدك؟ فقال: ما كنت أرى أن أحدا يستوحش مع الله عز وجل, قال ابن أبي روح: قال السري بن يحيى: أنست بالوحدة من بعد ما قد كنت بالوحشة مستوحشا.
51 - حدَّثني سلمة بن شبيب, قال: حَدَّثَنا سهل بن عاصم, قال: قيل لرجل بطرسوس: ها هنا أحد تستأنس إليه؟ قال: نعم, قلت: فمن؟ فمد يده إلى المصحف ووضعه في حجره، وقال: هذا.
52 - حدَّثني سلمة, قال: حَدَّثَنا سهل, قال سمعت سلم بن ميمون يقول: سمعت فضيل بن عياض يقول: من لم يستأنس بالقرآن, فلا آنس الله وحشته.
53 - حدَّثني الحسين بن عبد الرحمن, عن رجل, قال: دخلت على رجل بالمصيصة في بيت فيه فرسه وعلفه وقماشه, فقلت: أما تضيق نفسك من هذا؟ فبكى، وقال: إذا ذكرت القبر وضيقه وظلمته, أتسع هذا عندي، ولهيت عن غيره.
54 - حدَّثني محمد بن هارون، حَدَّثَنا يعقوب بن كعب, قال: حدثني رجل يقال له: إسحاق من أهل الشام, قال: كان سليمان الخواص ببيروت، فدخل عليه سعيد بن عبد العزيز، فقال: مالي أراك في الظلمة؟! قال: ظلمة القبر أشد, قال: ما لي أراك وحدك ليس لك رفيق؟! فقال: أكره أن يكون لي رفيق لا أقدر أن أقوم بحقه, قال له سعيد: خذ هذه الدراهم, فإنا لك بها يوم القيامة, قال: يا سعيد! إن نفسي لم تجبني إلى هذا الذي أجابتني إليه إلا بعد كدك، وأنا أكره أن أعودها مثل دراهمك هذه, فمن لي بمثلها إذا أنا احتجت؟ لا حاجة لي فيها, قال: قال: فذكر ذلك سعيد للأوزاعي, فقال: دع سليمان, فإنه لو كان في السلف لكان علامة.
الصفحة 39
624