كتاب العزلة والانفراد لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

73 - حدَّثني هارون بن عبد الله، حَدَّثَنا محمد بن يزيد, قال: قال رجل: مررت ذات يوم بالفضيل بن عياض وهو خلف سارية وحده، وكان لي صديقا فجئته، فسلمت وجلست، فقال لي: يا أخي! ما أجلسك إلي؟ قلت: رأيتك وحدك، فاغتنمت وحدتك, قال: أما إنك لو لم تجلس إلي لكان خير لك وخير لي، فاختر إما أن أقوم عنك, فهو والله خير لي، وخير لك، وإما أن تقوم عني, فقلت: لا، بل أنا أقوم عنك، يا أبا علي! فأوصني بوصية ينفعني الله بها, قال: يا عبد الله! اخف مكانك، واحفظ لسانك، واستغفر الله لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات كما أمرك.
74 - وحدثني الحسن بن عبد العزيز الجروي، حَدَّثَنا أيوب بن سويد، حَدَّثَنا أبو الهيثم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي, قال: كنت مع أبي في سفر, فركبنا مفازة، فلما أن كنا في وسط منها إذا رجل قائم يصلي، فتلومه أبي أن ينصرف إليه فما فعل, فقال له: يا هذا, قد نراك في هذا المكان، ولا نرى معك طعاما ولا شرابا، وقد أردنا أن نخلف لك طعاما وشرابا, قال: فأومأ إلينا أن لا, قال: فوالله ما برحنا حتى جاءت سحابة نشأت فأمطرت حتى أسقاه وما حوله, وقال: فانطلقنا، فلما انتهينا إلى أول العمران, ذكره أبي لهم فعرفوه، وقالوا: ذاك فلان، لا يكون في أرض إلا سقوا.

الصفحة 44