كتاب العزلة والانفراد لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

76 - حَدَّثَنا إسماعيل بن عبد الله العجلي، حَدَّثَنا سليمان بن حرب، حَدَّثَنا السري بن يحيى الصدوق المأمون، حَدَّثَنا عبد الله بن عبيد بن عمير, قال: خرجت مع أبي فكنا في أرض فلاة, رفع لنا سواد فظنناه شجرة، فلما دنونا, إذا برجل قائم يصلي، فانتظرناه لينصرف فيرشدنا إلى القرية التي نريد، فلما لم ينصرف, قال له أبي: إنا نريد قرية كذا وكذا, فأومىء لنا قبلها بيدك, قال: ففعل, قال: فإذا له حوض محوض يابس ليس فيه ماء، وإذا قربة يابسة فقال له أبي: إنا نراك في أرض فلاة، وليس عندك ماء فتجعل في قربتك من هذا الماء الذي عندنا؟ فأومأ أن لا، فلم يبرح, حتى جاءت سحابة فمطرت، فامتلأ حوضه ذلك، فلما أن دخلنا القرية ذكرناه لهم, قالوا: نعم، ذاك فلان، لا يكون في موضع إلا سقي. قال: فقال أبي: كم من عبد لله صالح لا نعرفه؟!.
77 - حَدَّثَنا إسحاق بن إبراهيم، حَدَّثَنا عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير, قال: قال عبد الله بن مسعود: كونوا ينابيع العلم، جدد القلب، خلقان الثياب، سرج الليل, كي تعرفوا في أهل السماء، وتخفوا على أهل الارض.
78 - حدَّثني محمد بن الحسين, قال: حدثني روح بن سلمة الوراق، حدثني قثم العابد، حدثني عبد الواحد بن زيد, قال: هبطت مرة واديا، فإذا أنا براهب قد حبس نفسه في بعض غيرانه، فراعني ذلك، فقلت: أجني أم إنسي؟ فبكى، وقال: وفيم الخوف من غير الله؟! رجل أوبقته ذنوبه, فهرب منها إلى ربه، ليس بجني، ولكن إنسي مغرور, قلت: منذ كم أنت ها هنا؟ قال: منذ أربع وعشرين سنة, قلت: فمن أنسك؟ قال: الوحش, قلت: فما طعامك؟ قال: الثمار ونبات الأرض, قلت: فما تشتاق إلى الناس؟! قال: منهم هربت, قلت: فعلى الإسلام أنت؟ قال: ما أعرف غيره, قال أبو عبيد: فحسدته والله على مكانه ذلك.

الصفحة 46