كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

57 - حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حدثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ سِجْنَ الْحَجَّاجِ، فَتَكَلَّمَ، فَقَالَ أَهْلُ السِّجْنِ: مَا نُحِبُّ أَنَّا خَرَجْنَا.
58 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ: حدثنا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ: إِنْ حَبَسَنِي فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيَّ، وَلَكِنْ أَخَافُ أَنْ يَبْتَلِيَنِي فَلا أَدْرِي عَلَى مَا أَكُونُ عَلَيْهِ؟ قَالَ فُضَيْلٌ: يَخَافُ أَنْ يَفْتِنَهُ، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَحَبَسَنِي، فَدَخَلْتُ عَلَى اثْنَيْنِ فِي قِيدٍ وَاحِدٍ، فِي مَكَانٍ ضَيِّقٍ لا يَجِدُ الرَّجُلُ إِلا مَوْضِعَ مَجْلِسِهِ، فِيهِ يَأْكُلُونَ، وَفِيهِ يَتَغَوَّطُونَ، وَفِيهِ يُصَلُّونَ قَالَ: فَجِيءَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ، فَأُدْخِلَ عَلَيْنَا، فَلَمْ يَجِدْ مَكَانًا، فَجَعَلُوا يَتَرَامَوْنَ بِهِ، فَقَالَ: اصْبِرُوا، فَإِنَّمَا هِيَ اللَّيْلَةُ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ قَامَ يُصَلِّي، فَقَالَ: يَا رَبِّ مَنَنْتَ عَلَيَّ بِدِينِكَ، وَعَلَّمْتَنِي كِتَابَكَ، ثُمَّ سَلَّطْتَ عَلَيَّ شَرَّ خَلْقِكَ، يَا رَبِّ اللَّيْلَةَ اللَّيْلَةَ، لا أُصْبِحُ فِيهِ، فَمَا أَصْبَحْنَا حَتَّى ضُرِبَ أَبْوَابُ السِّجْنِ: أَيْنَ الْبَحْرَانِيُّ؟ فَقُلْنَا: مَا دَعَا بِهِ السَّاعَةَ إِلا لِيُقْتَلَ، فَخُلِّيَ سَبِيلُهُ، فَجَاءَ فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا، وَقَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ لا يَعْصِكُمْ
59 - حَدَّثَنِي أَبُو نَصْرٍ الْمُؤَدِّبُ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّائِيِّ، قَالَ: أَنْبَأَنا أَبُو سَعِيدٍ الْبَقَّالُ، قَالَ: كُنْتُ مَحْبُوسًا فِي دِيمَاسِ الْحَجَّاجِ وَمَعَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، فَبَاتَ فرأيته فِي السِّجْنِ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا أَسْمَاءَ، فِي أَيِّ شَيْءٍ حُبِسْتَ؟ قَالَ: جَاءَ الْعَرِيفُ فَتَبَرَّأَ مِنِّي، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا يُكْثِرُ الصَّلاةَ وَالصَّوْمَ، فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ يَرَى رَأْيَ الْخَوَارِجِ، قَالَ: وَاللَّهِ، إِنَّا لَنَتَحَدَّثُ عِنْدَ مُغِيبِ الشَّمْسِ وَمَعَنَا إِبْرَاهِيمُ التَّيْمِيُّ، إِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا السِّجْنَ، فَقُلْنَا: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا قِصَّتُكَ؟ وَمَا أَمْرُكَ؟ قَالَ: لا وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، وَلَكِنِّي أَظُنُّ أَنِّي أُخِذْتُ فِي رَأْيِ الْخَوَارِجِ، فَبالَلَّهِ إِنَّهُ لَرَأْيٌ مَا رَأَيْتُهُ، وَلا هَوَيْتُهُ، وَلا أَحْبَبْتُهُ، وَلا أَحْبَبْتُ أَهْلَهُ، يَا هَؤُلاءِ ادْعُوا لِي بِوَضُوءٍ، قَالَ: فَدَعَوْنَا لَهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، إِنَّكَ تَعْلَمُ عَلَى إِسَاءَتِي وَظُلْمِي وَإِسْرَافِي أَنِّي لَمْ أَجْعَلْ لَكَ وَلَدًا، وَلا نِدًّا، وَلا صَاحِبَةً، وَلا كُفُؤًا، فَإِنْ تُعَذِّبْ فعَبْدُكَ، وَإِنْ تَغْفِرْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، اللَّهُمَّ، إِنِّي أَسْأَلُكُ يَا مَنْ لا تُغْلِطُهُ الْمَسَائِلُ، وَيَا مَنْ لا يَشْغَلُهُ سَمْعٌ عَنْ سَمْعٍ، وَيَا مَنْ لا يُبَرِّمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ أَنْ تَجْعَلَ لِي فِي سَاعَتِي هَذِهِ فَرَجًا وَمَخْرَجًا، مِنْ حَيْثُ أَحْتَسِبُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَحْتَسِبُ، وَمِنْ حَيْثُ أَعْلَمُ وَمِنْ حَيْثُ لا أَعْلَمُ، وَمَنْ حَيْثُ أَرْجُو وَمِنْ حَيْثُ لا أَرْجُو، وَخُذْ لِي بِقَلْبِ عَبْدِكَ الْحَجَّاجِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَلِسَانِهِ وَيَدِهِ وَرِجْلِهِ، حَتَّى تُخْرِجَنِي فِي سَاعَتِي هَذِهِ، فَإِنَّ قَلْبَهُ وَنَاصِيَتَهُ فِي يَدِكَ، أَيْ رَبِّ، أَيْ رَبِّ، أَيْ رَبِّ، قَالَ: فَأَكْثَرَ، قَالَ: فَوَاللَّهِ الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا قَطَعَ دُعَاءَهُ إِذْ ضُرِبَ بَابُ السِّجْنِ: أَيْنَ فُلانٌ؟ فَقَامَ صَاحِبُنَا، فَقَالَ: يَا هَؤُلاءِ، إِنَّ تَكُنِ الْعَافِيَةُ فَوَاللَّهِ لا أَدَعُ الدُّعَاءَ، وَإِنْ تَكُنِ الأُخْرَى فَجَمَعَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي رَحْمَتِهِ، فَبَلَغَنَا مِنْ غَدٍ أَنَّهُ خُلِّيَ عَنْهُ

الصفحة 467