كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
81 - قَالَ: بَلَغَنِي عَنِ الْعُرْيَانِ بْنِ الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِيهِ،. أَنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ، وَجَّهَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فِي حَاجَةٍ، فَدَخَلَ، فَإِذَا خَارِجِيٌّ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ يُخَاطِبُهُ، فَقَالَ لَهُ الْخَارِجِيُّ فِي بَعْضِ مَا يَقُولُ: أَيْ شَقِيٌّ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ، فَرَآهُ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا حَرَسِي، مَا يَقُولُ؟ قَالَ:
عَسَى فَرَجٌ يَأْتِي بِهِ اللَّهُ إِنَّهُ... لَهُ كُلَّ يَوْمٍ فِي خَلِيقَتِهِ أَمْرُ
قَالَ: أَخْرِجَاهُ، فَاضْرِبَا عُنُقَهُ، فدَخَلَ الْهَيْثَمُ بْنُ الأَسْوَدِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: كُفَّا عَنْهُ قَلِيلا، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَبْ مُجْرِمَ قَوْمٍ لِوَافِدِهِمْ، فَقَالَ: هُوَ لَكَ، فَأَخَذَ الْهَيْثَمُ بِيَدِهِ فَأَخْرَجَهُ، وَالْخَارِجِيُّ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى الْعَافِيَةِ، تَأَلَّى عَلَى اللَّهِ فَأَكْذَبَهُ، وَغَالَبَ اللَّهَ فَغَلَبَهُ.
82 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ ابْنُ أَخِي الأَصْمَعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ، قَالَ: هَرَبْتُ مِنَ الْحَجَّاجِ، وَكُنْتُ بِالْيَمِينِ عَلَى سَطْحٍ يَوْمًا، فَسَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ:
رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسُ مِنَ الأَمْرِ... لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ
قَالَ: فَخَرَجْتُ فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَمَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا كُنْتُ أَشَدَّ فَرَحًا، بِفَرَجِهِ أَوْ بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ؟، قَالَ عَمِّي: وَالْفَرْجَةُ، بِالْفَتْحِ: مِنَ الْفَرَجِ، وَالْفُرْجَةُ: فُرْجَةُ الْحَائِطِ
83 - حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى الشَّيْبَانِيُّ، قَالَ: إِنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْتُهُ مِنْ شُعَيْبِ بْنِ صَفْوَانَ فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْهُ، عَنِ الأَجْلَحَ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ، قَالَ: ضَرَّى بُخْتَنَصَّرُ أَسَدَيْنِ، فَأَلْقَاهُمَا فِي جُبٍّ، وَجَاءَ بِدَانِيَالَ، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِمَا فَلَمْ يُهَيِّجَاهُ، فمَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اشْتَهَى مَا يَشْتَهِي الآدَمَيُّونَ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى إِرْمِيَا، وَهُوَ بِالشَّامِ: أَنْ أَعْدِدْ طَعَامًا وَشَرَابًا لِدَانِيَالَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، أَنَا بِأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ وَدَانِيَالُ بِأَرْضِ بَابِلَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: أَنْ أَعْدِدْ مَا أَمَرْنَاكَ، فَإِنَّا سَنُرْسِلُ إِلَيْكَ مَنْ يَحْمِلُكَ وَيَحْمِلُ مَا أَعْدَدْتَ، فَفَعَلَ، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عز وجل مَنْ حَمَلَهُ وَحَمَلَ مَا أَعَدَّ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى رَأْسِ الْجُبِّ، فَقَالَ دَانْيَالُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: أَنَا إِرْمِيَا، قَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟ قَالَ: أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَبُّكَ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَنِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ دَانْيَالُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لا يَخِيبُ مَنْ دَعَاهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنْ وَثِقَ بِهِ لَمْ يَكِلْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالإِحْسَانِ إِحْسَانًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي يَجْزِي بِالصَّبِرِ نَجَاةً، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ يَكْشِفُ ضُرَّنَا بَعْدَ كَرْبِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ ثِقَتُنَا حِينَ يَسُوءُ ظَنُّنَّا بِأَعْمَالِنَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ رَجَاؤُنَا حِينَ تَنْقَطِعُ الْحِيَلُ عَنَّا
الصفحة 477
624