كتاب العزلة والانفراد لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

81 - حَدَّثَنا إسماعيل بن أبي الحارث، حَدَّثَنا يحيى بن أيوب، حدثني بعض أصحابنا, قال: كتب مالك بن أنس إلى العمري: إنك بدوت ثم, فلو كنت عند مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! فكتب إليه العمري: إني أكره مجاورة مثلك، إن الله تعالى لم يرك متغير الوجه فيه ساعة قط.
82 - حدَّثني محمد بن يحيى المروزي, قال: لما تبدا, يعني: العمري, كان يلزم الجبان كثيرا، وكان لا يخلو من كتاب يكون معه ينظر فيه، فقيل له في ذلك, فقال: إنه ليس شيء أوعظ من قبر، ولا أسلم من وحدة، ولا أنس من كتاب.
83 - حدثت عن سعيد بن سليمان، عن إبراهيم بن عنبسة, قال سمعت خالتي أم إسماعيل ابنة نعيم بن أبي المتئد، عن أبيها نعيم بن أبي المتئد, قال: كان من دعائه: اللهم! إني أعوذ بك من قرب من يزيدني قربه بعدا منك.
84 - وحدثت, عن مصعب بن سلام، حَدَّثَنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عثمان بن أبي العاص, قال: لولا الجمعة وصلاة في الجميع, لبنيت في أعلى داري هذه بيتا ثم دخلته فلم أخرج منه, حتى أخرج إلى قبري.
85 - حدَّثني عبد الله بن محمد البلخي, قال: سمعت إبراهيم بن شماس, قال: سمعت حفص بن حميد, قال: قال لي: كيف أنت؟ قلت: بخير, قال: كيف قدمت؟ قلت: بخير, قال: قد تكلم أهل مرو بقدومك, فقلت: لا أدري, قال: جاءني غير واحد، فقال: قد قدم إبراهيم, ثم قال لي: من بنى مدينة مرو قلت: لا أدري, قال: رجل بنى مدينة مثل هذه لا يدرى من بناها؟! فغدا من يكون حفص؟ من يكون إبراهيم؟ لا يغتر بهذا القول, ثم قال: جربت الناس منذ خمسين سنة فما وجدت لي أخا يستر لي عورة، ولا غفر لي دينا فيما بيني وبينه، ولا وصلني إذا قطعته، ولا أمنته إذا غضب, فالاشتغال بهؤلاء حمق كبير، كلما أصبحت أقول: أتخذ اليوم صديقا، ثم تنظر ما يرضيه عنك أي هدية، أي تسليم، أي دعوة؟ فأنت أبدا مشغول.

الصفحة 48