كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

91 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: رَأَيْتُ مَجْنُونًا قَدْ أَلْجَأَهُ الصِّبْيَانُ إِلَى مَسْجِدٍ، فَجَاءَ فَقَعَدَ فِي زَاوِيَةٍ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ، فَقَامَ وَهُوَ يَقُولُ:
إِذَا تَضَايَقَ أَمْرٌ فَانْتَظِرْ فَرَجًا... فَأَصْعَبُ الأَمْرِ أَدْنَاهُ مِنَ الْفَرَجِ.
92 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ وَزِيرًا لِمَلِكٍ نَفَاهُ الْمَلِكُ لِمَوْجِدَةٍ وَجَدَهَا عَلَيْهِ، فَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمًّا شَدِيدًا، فَبَيْنَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي مَسِيرٍ لَهُ إِذْ أَنْشَدَهُ رَجُلٌ كَانَ مَعَهُ، حَيْثُ يَقُولُ:
أَحْسِنِ الظَّنَّ بِرَبٍّ عَوَّدَكْ... حَسَنًا أَمْسِ وَسَوَّى أَوَدَكْ
إِنَّ رَبًّا كَانَ يَكْفِيكَ الَّذِي... كَانَ بِالأَمْسِ سَيَكْفِيكَ غَدَكْ
قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ، وَأَمَرَ لَهُ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرْهَمٍ.
93 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: أَصَابَنِي غَمٌّ شَدِيدٌ لأَمْرٍ كُنْتُ فِيهِ، فَرَفَعْتُ مَقْعَدًا كُنْتُ جَالِسًا عَلَيْهِ، فَإِذَا رُقْعَةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَنَظَرْتُ فِيهَا فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ:
يَا صَاحِبَ الْهَمِّ إِنَّ الْهَمَّ مُنْقَطِعُ... لا تَيْأَسَنَّ فكَم قَدْ فَرَّجَ اللَّهُ
قَالَ: فَذَهَبَ عَنِّي مَا كُنْتُ أَجِدُ مِنَ الْغَمِّ، وَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ فَرَّجَ اللَّهُ.
94 - حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَصَابَنِي هَمٌّ ضِقْتُ بِهِ ذَرْعًا، فَنِمْتُ، فَرَأَيْتُ فِي مَنَامِي كَأَنَّ قَائِلا يَقُولُ لِي هذين البيتين:
كُنْ لِلْمَكَارِهِ بِالْعَزَاءِ مُقَطِّعًا... فَلَعَلَّ يَوْمًا لا تَرَى مَا تَكْرَهُ
وَلَرُبَّمَا ابْتَسَمَ الْوَقُورُ مِنَ الأَذَى... وَضَمِيرُهُ مِنْ حَرِّهِ يَتَأَوَّهُ
قَالَ: فَحَفِظْتُ الشَّعْرَ، وَانْتَبَهْتُ وَأَنَا أُرَدِّدُهُ، فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ فَرَّجَ اللَّهُ عَنِّي مَا كُنْتُ فِيهِ

الصفحة 480