كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

105 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي قُرَّانُ بْنُ تَمَامٍ السُّدِّيُّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، قَالَ: لَمَّا صَنَعَ خَالِدٌ بِهِ مَا صَنَعَ ذَهَبَ يَتَقَلَّبُ وَهُوَ فِي الْحَدِيدِ، فَتَكَشَّفَ، فَكَأَنَّمَا ثَمَّ صُوفُهُ، فَقَالَ: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ: مَا أَخْلَقَهُ سَيُفْرَجُ عَنْهُ سَرِيعًا.
- حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ زِيَادٍ: فَجَاءَ مَوَالِي لِعُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ، فَاكْتَرَوْا دَارًا إِلَى جَانِبِ الْحَبْسِ، ثُمَّ نَقَبُوا سِرْبًا مِنْهَا إِلَى الْحَبْسِ، وَاكْتَرَوْا دَارًا إِلَى جَانِبِ حَائِطِ سُوَرِ مَدِينَةِ وَاسِطَ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أَرَادُوا أَنْ يُخْرِجُوهُ فِيهَا مِنَ الْحَبْسِ، أَفْضَوَا النَّقْبَ إِلَى الْحَبْسِ، فَخَرَجَ مِنَ الْحَبْسِ فِي السِّرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الدَّارِ يَمْشِي حَتَّى بَلَغَ الدَّارَ الَّتِي إِلَى جَانِبِ حَائِطِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ نُقِبَ فِيهَا، ثُمَّ خَرَجَ فِي السِّرْبِ مِنْهَا حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ هُيِّئَتْ لَهُ خَيْلٌ خَلْفَ حَائِطِ الْمَدِينَةِ، فَرَكِبَ، وَعُلِمَ بِهِ بَعْدَ مَا أَصْبَحُوا وَقَدْ كَانَ أَظْهَرَ عِلَّةً قَبْلَ ذَلِكَ، لِكَيْ يُمْسِكُوا عَنْ تَفَقُّدِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَأَتْبَعَهُ خَالِدٌ سَعِيدًا الْحَرَشِيَّ، فَلَحِقَهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْفُرَاتُ، فَتَعَصَّبَ لَهُ وَتَرَكَهُ، وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
وَلَمَّا رَأَيْتَ الأَرْضَ قَدْ سُدَّ ظَهْرُهَا... وَلَمْ يَكُ إِلا بَطْنَهَا لَكَ مَخْرَجَا
دَعَوْتَ الَّذِي نَادَاهُ يُونُسُ بَعْدَمَا... ثَوَى فِي ثَلاثٍ مُظْلِمَاتٍ فَفَرَّجَا
خَرَجْتَ وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ شَفَاعَةً... سِوَى رَبِّكَ الْبَرِّ اللَّطِيفِ الْمُفَرِّجَا
وَأَصْبَحْتَ تَحْتَ الأَرْضِ قَدْ سِرْتَ لَيْلَةً... وَمَا سَارَ سَارٍ مِثْلَهَا حِينَ أَدْلَجَا.
106 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي خَيْرَةَ، عَنْ أَبِي الْحَبْحَابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي خَازِمٌ، مَوْلَى عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ هُبَيْرَةَ حَيْثُ هَرَبَ مِنَ السِّجْنِ، فَبَلَغْنَا دِمَشْقَ بَعْدَ عَتْمَةٍ، فَأَتَى مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَجَارَهُ وَأَنْزَلَهُ مَعَهُ فِي بَيْتِهِ، وَصَلَّى مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ خَلْفَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الصُّبْحَ، فَلَمَّا صَلَّى هِشَامٌ الصُّبْحَ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ مَسْلَمَةُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ، قَالَ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا أَظُنُّ ابْنَ هُبَيْرَةَ إِلا وَقَدْ طَرَقَكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟ قَالَ: أَجَلْ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَقَدْ أَجَرْتُهُ، فَهَبْهُ لِي، قَالَ: قَدْ وَهَبْتُهُ لَكَ

الصفحة 485