كتاب الفرج بعد الشدة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

108 - حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ حُدِّثَ عَنْ سَيَّارِ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: حدثنا عُثْمَانُ بْنُ مَطَرٍ، قَالَ: حدثنا تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: أَكْرَهَنِي يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ عَلَى الْعَمَلِ، فَلَمَّا رَجَعْتُ حَبَسَنِي فِي السِّجْنِ وَقَيَّدَنِي، فَمَا زِلْتُ فِي السِّجْنِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي رَأْسِي شَعْرَةٌ سَوْدَاءُ فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ، فَقَالَ: يَا تَوْبَةُ، طَالَ حَبْسُكَ؟ قُلْتُ: أَجَلْ، فَقَالَ: يَا تَوْبَةُ، قُلْ: أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ الدَّائِمَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، فَقُلْتُهَا ثَلاثًا، وَاسْتَيْقَظْتُ، فَقُلْتُ: يَا غُلامُ هَاتِ الدَّوَاةَ وَالسِّرَاجَ، فَكَتَبْتُ هَذَا الدُّعَاءَ، ثُمَّ إِنِّي صَلَّيْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُصَلِّيَ، فَمَا زِلْتُ أَدْعُو بِهِ حَتَّى صَلَّيْتُ الصُّبْحَ، فَلَمَّا صَلَّيْتُ جَاءَ حَرَسِيُّ فَضَرَبَ بَابَ السِّجْنِ فَفَتَحُوا لَهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ تَوْبَةُ الْعَنْبَرِيُّ؟ فَقَالُوا: هَذَا، فَحَمَلُونِي بِقُيُودِي حَتَّى وَضَعُونِي بَيْنَ يَدَيْ يُوسُفَ وَأَنَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، فَقَالَ: يَا تَوْبَةُ، قَدْ أَطَلْنَا حَبْسَكَ؟، قُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: أَطْلِقُوا عَنْهُ قُيُودَهُ وَخَلُّوهُ، فَعَلَّمْتُهُ رَجُلا فِي السِّجْنِ، فَقَالَ لِي صَاحِبِي: لَمْ أُدْعُ إِلَى الْعَذَابِ قَطُّ فَقُلْتُهُنَّ إِلا خلَّي عَنِّي، فَجِيءَ بِي يَوْمًا إِلَى الْعَذَابِ، فَجَعَلْتُ أَتَذَكَّرُهُنَّ فَلَمْ أَذْكُرْهُنَّ حَتَّى جُلِدْتُ مِائَةَ سَوْطٍ، ثُمَّ إِنِّي ذَكَرْتُهُنَّ فَقُلْتُهُنَّ فَخُلِّيَ عَنِّي.
109 - حَدَّثَنِي أَبُو عَدْنَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ يُونُسَ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ لِي أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاءِ: كُنَّا هُرَّابًا مِنَ الْحَجَّاجِ بِصَنْعَاءَ، فَسَمِعْتُ مُنْشِدًا، يُنْشِدُ:
رُبَّمَا تَكْرَهُ النُّفُوسَ مِنَ الأَمْرِ... لَهُ فَرْجَةٌ كَحَلِّ الْعِقَالِ
فَاسْتَظْرَفْتُ قَوْلَهُ: فَرْجَةٌ، وإِنِّي لَكَذَلِكَ إِذْ سَمِعْتُ قَائِلا يَقُولُ: مَاتَ الْحَجَّاجُ، فَمَا أَدْرِي بأَيِّ الأَمْرَيْنِ كُنْتُ أَشَدَّ فَرَحًا، بِمَوْتِ الْحَجَّاجِ أَوْ بِذَلِكَ الْبَيْتِ؟

الصفحة 488