كتاب القبور لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

امع ذكر القبور
82 - حدثنا عمار بن نصر, حدثنا بقية بن الوليد, حدثني خالد بن أبي بكر, عن الحسن أن شابا مر به وعليه بزة له حسنة فدعاه فقال: إيه ابن آدم معجب بشبابه معجب بجماله كأن القبر قد وارى بدنك وكأنك قد لاقيت فداوي قلبك فإن حاجة الله إلى عبادهم صلاح قلوبهم.
83 - حدثني محمد بن الحسين, حدثنا حماد بن الوليد الحنظلي قال: سمعت عمر بن ذر يذكر أنه بلغه عن ميمون بن مهران أنه قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز يوما وعنده سابق البربري الشاعر وهو ينشده شعرا فانتهى بشعره إلى هذه الأبيات:
وكم من صحيح بات للموت آمنا ... أتته المنايا بغتة بعد ما هجع
ولم يستطع إذ جاءه الموت بغتة ... فرارا ولا منه بقوته امتنع
فأصبح تبكيه النساء مقنعا ... ولا يسمع الداعي وإن صوته رفع
وقرب من لحد صار مقيله ... وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع
ولا يترك الموت الغني لماله ... ولا معدما في الحال ذا حاجة يدع
قال: فلم يزل عمر يبكي ويضطرب حتى غشي عليه قال: فقمنا وانصرفنا عنه.
84 - حدثنا أبو زيد النميري, حدثنا ابن عائشة, قال: أنشدني عتيبة بن هارون لابن أبي عمرة وهو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة, وحدثنا ابن الحسين, حدثنا ابن عائشة, عن ابن أبي عمرة قال:
يا أيها الذي قد غره الأمل ... ودون ما يأمل التنغيص والأجل
ألا ترى إنما الدنيا وزينتها ... كمنزل الركب دارا ثم ارتحل
حتوفها رصد وعيشها نكد ... وصفوها رنق وملكها دول
تظل تفزع في الروعات ساكنها ... فما يسوغ له لين ولا جزل
كأنه للمنايا والردى عرض ... تظل فيه بنات الدهر تنتقل
المرء يشقى بما يسعى لوارثه ... والقبر وارث ما يسعى له الرجل

الصفحة 534