كتاب القبور لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

184 - أنشدني أبو جعفر القرشي
أتعمى عن الدنيا وأنت بصير ... وتجهل ما فيها وأنت خبير
وتصبح تبنيها كأنك خالد ... وأنت غدا عما بنيت تسير
فلو كان ينهاك الذي أنت عارف ... لقد كان فيما بلوت نذير
متى أبصرت عيناك شيئا فلم ... يكن له مخبر أن البقاء يسير
فدونك فاصنع كلما أنت صانع ... فإن بيوت الميتين قبور
185 - وأنشدي علي بن محمد لهدبة بن محمد العدوي
ألا يا لقوم للنوائب والدهر ... وللمرء يردي نفسه وهو لا يدري
وللأرض كم من صالح قد تألمت عليه ... فوارته بلماعة قفر
فلا تتقي ذا هيبة لجلاله ... ولا ذا ضياع هن يتركن للفقر
186 - أنشدني أبو جعفر القرشي
تناجيك أجداث وهن سكوت ... وسكانها تحت التراب خفوت
أيا جامع الدنيا لغير بلاغة ... لمن تجمع الدنيا وأنت تموت
187 - وأنشدني غير أبي جعفر
ذوي الود من أهل القبور عليكم ... سلام أما من دعوة تسمعونها
ولا من سؤال ترجعون جوابه إلينا ... ولا من حاجة تطلبونها
سكنتم ظهور الأرض حينا بشرة ... فما لبث حتى سكنتم بطونها
وخليتم اللذات فيها لأهلها ... وكنتم زمانا تعبدون فتونها
وكنتم أناسا قبلنا مثل ما نرى ... تظنون بالدنيا وتستحسنونها
وكم صورة تحت التراب لسيدٍ ... وكان حريصا جاهدا أن يصونها
وما زالت الدنيا محمل ترجل ... تحوش المنايا سهلها أو حرونها
وقد كان في الدنيا قرون كثيرة ... ولكن ريب الدهر أفنى قرونها
وللناس آجال قصار ستنقضي ... وللناس أرزاق سيستكملونها

الصفحة 563